شامان حامد
تلقت مشاريع مكافحة الفقر العامة منها والخاصة، ضربة عنيفة وانتكاسات خطيرة نتيجة تفشي وباء كورونا المستجد، بينما يسعى العالم منذ عقود، إلى خفض أعداد الفقراء خاصة الدول النامية الأشد فقراً، لتتحوّل مساعي الأمم المتحدة لإنهاء الفقر «أضغاث أحلام».
فقبل الجائحة، انخرط 47 بلداً في مسار تخفيض مستويات الفقر بمقدار النصف بين عامي 2015 و2030، لكن الوباء قد حال بين مساعدة الفقراء، حتى خرج 18 دولة من ذلك المسار، فمن بين الـ1.3 مليار شخص يعيشون في فقر مُتعدد الأبعاد، أي حوالي 644 مليون شخص، لم يبلغوا بعد سنّ الـ18، يعيش منهم 40 % (جنوب آسيا ودول جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى)، منهم 80 % يُعدّون محرُومين وفق مؤشرات خمس من مؤشرات الأمم المتحدة المعتمدة.. لنجد حوالي 107 ملايين شخص ممّن يعانون أوجه هشاشة مُتعددة، فوق سن الـ60، وهذا ما أشارت إليه تقارير «برنامج التنمية البشريّة» التابع لبرنامج الأمم المُتحدة الإنمائي، والذي يُقدّم المعطيات المطلوبة لصانعي السياسات، وكأنها تُمثّل بارقة أمل لإعادة البناء وتحسين حياة ملايين البشر.
تبدو الآفاق بالنسبة للأشخاص الأشد فقراً في العالم قاتمة، ما لم تبذل الحكومات المزيد من الجهود على نحو سريع وتعوض الخسارة اليومية للدخل التي يواجهها الفقراء، إذا جرى تطبيق مثل هذا الانخفاض على حد 5.5 دولار بين الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل فقد يدفع ذلك أكثر من 3.7 مليار شخص، أو ما يزيد قليلاً عن نصف سكان العالم، للعيش تحت خط الفقر، جاعلاً من هدف الأمم المتحدة بإنهاء الفقر كأنه أضغاث أحلام، ليراه باحثون من «كوليدج» بلندن والجامعة الوطنية الأسترالية: «أن الفقر قد يتغير في توزيعه الجغرافي كالدول التي سبق ذكرها».
إذاً كورونا يطيح عقدا من التقدم في تخفيض الفقر عالمياً بعد انتكاسة في التطوّر الذي تحقق منذ أعوام سالفة، ليتجدد العهد بـ«الفقراء الجدد»... في العالم أجمع، لتصرخ الفلبينية ماري - تيريز التي جاءت تأخذ حصة غذائية من جمعية «نونا روما»، إنها في أفضل حال من غيرها. وقرب مسكنها لم يعد المشردون يجدون طعاماً وسط النفايات «لأن أحداً لم يعد يرمي شيئاً».. أما آنا وماريا لوبريتي (65 عاماً) من سكان روما، تقولان إنهما «تشعران بالعار».
ومثليهما امرأة مُتطوعة في جمعية تساعد المشردين تئن: «أجد نفسي اليوم في وضع هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة، فيا إلهي ما عساهم يشعرون؟، والآن أشعر أنا بهذا الألم، إنه أمر يجرح كرامتنا كإنسان».