سهوب بغدادي
فيما تعد الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا الجديد التي نصت عليها وزارة الصحة والمعمول بها في جميع الكيانات والقطاعات الحية والفعالة في المملكة، يتحتم إيجاد بعض الضوابط في نطاقات أخرى غير صحية والمتمثلة في حماية الفرد والمجتمع من عواقب لم تكن في الحسبان. الأغلبية العظمى تلتزم بلبس الكمامة أو تغطية الوجه خلال التواجد في الأماكن العامة فضلا عن قياس درجات الحرارة قبل الدخول لأية منشأة أو مكان.
في الوقت الذي توفر فيه العديد من الجهات الكمامات والقفازات والمعقمات لدى بوابات الدخول، فيما تمنع أي شخص من الدخول دون الالتزام بلبس الكمامة وذلك أمر جميل وبديهي، ولكن ماذا لو كان الشخص طفلا؟ للأسف يتغافل أو يغفل بعض الآباء عن تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية بالنسبة لأطفالهم بعدم حثهم على لبس الكمامة أو عدم الرقابة الحثيثة لهم أثناء التواجد في الأماكن العامة، فالأطفال لا يستطيعون التحكم بأفعالهم وحركاتهم فيقومون بلمس الأسطح من ثم تعديل الكمامة وحك العينين أو الأكل وما إلى ذلك، إذ يعد مشهدا مروعا بالنسبة لي ولأي مربي. لا أعلم هل الانطباع السائد على العامة بأن مناعة الطفل قوية لنتركه دون الحفاظ عليه ووقايته؟ أم أن العملية بأكملها تتسم بالعصوية و(القلق)؟ أيا كانت الأسباب والمسببات فذلك الأمر غير مقبول بتاتا. وأذكر لكم موقفا شهدته بالأمس في أحد المحال التجارية فكان الموقف كالتالي، أثناء دخولي عمد رجل الأمن إلى قياس درجة حرارتي من ثم سمح لي بالدخول، إلا أنني وجدت طفلة في الخامسة من عمرها أو ما شابه، تلاصقني وتقفو خطواتي القليلة عند مدخل المحل، مما جعلني أتنبه لها فتوقفت في مكاني دون حراك من ثم رفعت رأسها إلى الأعلى لتنظر لي بعينيها الخائفتين، لا أخفيكم أصبت بالحيرة فحاولت أن ألقي نظرة خاطفة في الأرجاء في محاولة للبحث عن ذويها، فلم أجد أحدا عدى رجل الأمن فسألته» أين أم الطفلة؟» فقال «ليس لديها كمامة فمنعناها من الدخول» فقلت «وأين الأم؟» فقال «هي بالداخل تتسوق وتركت ابنتها عند المدخل!» فقلت «وكيف لك أن تسمح لها بأن تتركها هنا وحيدة؟» قال «يا أختي هذا النظام» بعد دقائق أتت الأم فعاتبتها وقالت ليس لدي سوى كمامة واحدة أعطيتها لأخيها الأصغر سنا! لم أستوعب كلامها وعلمت أن مستوى الوعي لديها بحاجة للتدخل، فاكتفيت بإعطائها كمامة احتياطية كانت تقبع في حقيبتي منذ يومين. فأخذتها وأعطتها للطفلة من ثم أكملت جولتها في المحل! في تلك اللحظة اختل كياني، وحزنت كثيرا على الطفلة، أولا لأنها أهملت من قبل مصدر أمانها، وثانيا لتعرضها لهذا الموقف ككل وحيدة، وثالثا لعدم توقف الجهات المعنية على مثل هذه الحالات التي قد نواجهها بشكل يومي نتيجة البروتوكولات الصحية المطبقة حديثا وأخيرا، استنكرت على نفسي إعطائي لها كمامة لا أعلم مدى نظافتها من ثم موافقة والدتها على أخذها، قد أكون أنا وأمثالي سببقل للفيروس-لاقدر الله- فمنذ البارحة أستذكر الحادثة وأقوم بتأنيب نفسي مرارا. لذا يتحتم إيجاد آلية خاصة بالمواقف اليومية في حال عدم التزام الفرد وأفراد عائلته صغارا كانوا أم كبارا بالبروتوكولات الوقائية في الأماكن العامة، فيجب منع دخول الأطفال والكبار دون الكمامات كما يمنع منعا باتا تركهم في الخارج دون رقابة شخص مسؤول ذو قرابة، وفي حال تحتم ترك شخص وحيد أو أطفال فيجدر بالمنشآت تخصيص أماكن آمنة لهم مع تخصيص مساحة ملائمة لهم للعب والقيام بالأنشطة مع تواجد الرقابة المناسبة لهم بحسب أعمارهم.