الهادي التليلي
من الأشياء التي تبقي الكلام مترجرجاً بين الجهر والصمت أو كما ذهب إليه التوحيدي بما معناه فمي فيه ماء وأنا أخشى إن نطقت به اندلق وإن صمت غصصت به سؤالا لم صمت العالم نتيجة إلغاء جوائز نوبل لهذا العام ولم صمت العالم عن إلغائها سنة 2018 نتيجة تقاطع مصالح الدول المؤثرة في النتائج؟
هذا السؤال لم يكن إلا محفزاً لإعادة طرح السؤال الذي كنا طرحناه في مقالة سابقة والذي هو أمل في صيغة سؤال لم لا مسابقة نوبل أخرى قد لا تحمل اسم نوبل، وتكون أكثر نبلاً في رؤيتها ورسالتها وأهدافها على غرار دافوس الصحراء التي أشعلت دخان تنمية قادمة ملأت الدنيا وشغلت الناس ولم لا يكون التصور جمعاً بين دافوس الصحراء كمنتدى دولي للاقتصاد بما فيه من تقييم أداء وتقييم إيبستمولوجي لتنمية كل البلدان وتحاور حول بدائل مستقبلية وفق مفاهيم أكثر تطوراً واستجابة للحظة الراهنة.
جائزة نوبل وهنا لن نعرض كثيرا لتاريخ هذه المسابقة ولكن يكفي أن نذكر أنها استجابة لوصية الفراد نوبل مخترع الديناميت التي صادق عليها النادي السويدي النرويجي في 1895وتم الاتفاق على أن تسلم في مجالات الطب والفيزياء والكيمياء والسلام والأدب والاقتصاد، وكاعتذار منه للبشرية أوصى نوبل قبل موته أن تسند جائزة باسمه وكان الأمر كذلك إلى أن استشرى الفساد في هذه المسابقة لدرجة صارت بلا مصداقية وشكلا من أشكال معرفة من يقدمون خدمات للدول الكبرى لا لمن خدموا الإنسانية.
في الجهة المقابلة تستوقفنا نشأة منتدى دافوس الاقتصادي التي ترجع تسميتها إلى منطقة صغيرة سويسرية شهدت تصحرا ديمغرافيا بعد أن كانت ملاذ الأغنياء والمرضى بداية من منتصف القرن 18 نتيجة مناخها الملائم خاصة وأنها تطل على وادي لاندويسر المرتفع ومن بين روادها الأديب روبرت ستيفنسون والروائي آرثار كونان دويل مبدع شخصية شارلك هولمز والأديب الشهير توماس مان وقبل ذلك بكثير أي منذ 1280 ميلادي كانت غالبية سكانها من الولسريين الناطقين بالألمانية هذا التاريخ الحي للمكان جعل السعي لإيجاد شكل يعيد النسيج الديمغرافي إلى عنفوانه بعد التصحر لعدم وجود أنشطة تنموية تشد الناس إليها، وبدأ التفكير في منوال تنموي جاذب وتم إنشاء كيان تعليم عال مشع يحمل اسم المكان لإعادة الاستقطاب الديمغرافي إلى أن جاء أستاذ علم الاقتصاد الألماني كلاوس شواب سنة 1971 بتأسيس المنتدى الاقتصادي الأوروبي الذي تحول فيما بعد إلى المنتدى الاقتصادي العالمي بمشاركة 1000 من ممثلي الشركات متعددة الجنسيات وذلك لتدارس الوضع العالمي وتطوير اقتصادياته ليتطور في ما بعد إلى تقييم التنمية العالمية من اقتصاد وتعليم وغيره حتى صارت دافوس معياراً للتقويم هو الأرقى عالمياً ولترتيب الدول في مختلف المجالات في الحقيقة دخول أهل السياسة في دافوس منذ 1974أعطى إشعاعاً ووضع المنتدى كمنصة عالمية هي الأولى.
ولتقاطع السياسي بالرسالة الحقيقية للمنتدى تم تفكير قيادة المملكة العربية السعودية في تنظيم دافوس الصحراء الذي رجح الكفة بين ضفتي العالم بعد أن بقي لفترة محصوراً على معسكر اقتصادي بعينه دافوس الصحراء وسع إشعاع دافوس ليصبح فعلاً عالمياً كونياً لا غربياً.
وعلى شاكلة دافوس الصحراء الذي فتح حلم الممكن على مداه لم لا تكون نوبل بديلة نوبل عملاقة نوبل نبيلة في قيمها وذات مصداقية عالية لايرقى إليها الشك، نوبل تتبناها السعودية دولة الأمن والأمان والرفاه عالي السقف تعطي الاعتبار لمبدعي الإنسانية في شتى المجالات وليس بغريب على هذه الديار التي كانت الأسبق في التتويج للمبدعين وتكريمهم من خلال تعليق قصائد الشعراء على جدران الكعبة.