الموهوبون لا يحصلون على فرصهم كما يجب، أو على الأقل هذا ما يخيل إليّ حينما أشاهد عددًا من المواهب الفنية التي «تتقرفص» في الأسفل منتظرة ذلك الحبل السحري الذي يجرها للأعلى؛ ليزودهم بالخبرة، ويمنحهم الفرصة. في واقع الأمر أتصور أن المشكلة الحقيقية تكمن في شح الإنتاج، وعدم قدرة المنتج على تمويل أعماله؛ لذا يلجأ كثير من المنتجين إلى تعميدات التلفزيون تحت عنوان (مسلسلات رمضان) بالخط العريض، يليها خطوة الشللية المعتادة من السيد المنتج التي يجتر فيها الوجوه والأفكار نفسها. فالخروج عن السائد من الأفكار يتطلب رحمة المعلن في مسألة ضبابية نجاح التجارب الشجاعة؛ ومن هنا نستطيع تفسير ظاهرة المنتج الممثل؛ فكثير من الممثلين يعتقدون أن بداخلهم إمكانيات أفضل من الفرص البسيطة المتاحة لهم. ولصعوبة تحقيق ما في بالهم من إنجاز فني يضطرون إلى الدخول في مسألة الإنتاج؛ فالمتوقع أنه في حال نجاحهم وتوسعهم سيكونون بوابة لاستقطاب المواهب، والأخذ بيد الأفكار الجادة الجديدة، ولكن هذا لا يحدث في العادة مع الأسف؛ لذلك تموت كثير من المواهب في أوائل مشوارها لعدم تفرغهم للمهنة؛ لأن الإنتاج باهت؛ لا يستطيع أن يوفر للفنان احتياجاته المالية؛ فالأعمال الفنية للسنة بالكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وبالرغم من كل هذا أنا متفائل كثيرًا بظهور المنصات الفنية المختلفة؛ إذ إنها ستكون رافدًا مهمًّا لحل مشكلة الإنتاج العويصة، والتوسع في العملية بعيدًا عن دائرة رمضان المعتادة. وأخشى ما أخشاه أن يواجه صنّاع المحتوى مشاكل الإنتاج كما حدث مع منصات سابقة؛ فصناعة عمل فني حقيقي تتطلب ميزانية أكبر من تلك التي تتطلبها «الفلوقات» والتحديات.
لا أتصور فكرة أن البنوك لا تُقرض المشاريع الفنية، وإن كنت متفائلاً كثيرًا بتجربة المهرجانات السينمائية التي أعتقد أنها ستغيّر هذه الفكرة لدى البنوك، ومتفائلاً كثيرًا بما سيقدمه مهرجان البحر الأحمر في نسخته المقبلة بعد الحدث الاستثنائي الذي مرّ به الكوكب. كما أنني متفائل كثيرًا بدور وزارة الثقافة التي قدمت إنجازات كبيرة خلال الفترة الماضية. إيقاظ القوة النائمة سيصنع من المواهب قوة ناعمة حقيقية، ورافدًا ثقافيًّا مهمًّا.