إن شيوع المصطلحات الخاطئة التي تصل في بعض الأحيان إلى وصمة عار مجتمعية دائمة تلاحق من تُطلق عليه وانغماس مجتمعنا فيها إلى حد النخاع وتشرب الجميع لها حتى غدت كالمسلّمات والأمور القطعيات دون مراعاة لمن وُصموا بها لهو أكبر الظلم وأفحش الخطأ؛ فكيف إذا كانت تلك الفئة الموصومة كبيرة؛ ومتأكد عزيزي القارئ أنك تعرف أكثر من شخص موصوم بها إن لم تكن أنت أيضاً قد عشت تحت وطأتها. إن هذه الفئة هي روح رؤية سمو ولي العهد وعمود الظهر الذي تستند عليه إنها الطاقة الدائمة التي لا تفنى والمورد الذي لا ينضب، إنهم الذخيرة التي لا تنفد والسهام التي لا تخطئ، إنهم الحل الأول لجميع التحديات والحل الأمثل لتذليل كل الصعوبات إنهم أمل كل أمة ومستقبلها، إنهم من يعول عليهم ولي عهدنا كثيراً، إنهم ثلث شعبنا إنهم الشباب السعودي ذكوراً وإناثاً الذين بهم ولأجلهم سميت السعودية بالفتية الشابة. عدد الباحثين عن عمل منهم في آخر إحصائية قد جاوز المليون باحث وباحثة عن عمل. نعم باحث عن عمل وليس عاطلا (عاطل) تلك الكلمة المشؤومة التي تلاحق الشباب الموصوم بها في كل مكان، في المجالس العائلية واللقاءات المجتمعية بل حتى بين الشباب أنفسهم. ولن أنسى حماس أحدهم في أحد النقاشات الشبابية وتفاعله إلى أن وجه له أحدهم سؤالا (وين تشتغل؟) فأطرق المسكين رأسه وخفض صوته وتهافت حماسه لينطق بخجل (ماحصلت شيء باقي) ليصيح الجميع في وقت واحد وكأنهم متفقون (يعني عاطل)! بل وصل الأمر إلى الحتمية لدى بعضهم، ففي أحد أروقة الجامعة يُحدث أحدهم زميله عن خططه بعد التخرج فاتفق الاثنان على أنه لابد أن يكونا عاطلين لمدة سنتين إلى ثلاثة بعد التخرج! نعم لقد غُرس هذا الأمر لدى الجيل القادم من أبنائنا بل تسمع للأسف لدى طلاب التعليم العام أن من يتخصص كذا فسيكون عاطلاً وشوف فلان وفلان! لا أدري حقيقة من أين يجب علاج وتغيير بل اجتثاث هذا المصطلح؟ هل من الشباب أنفسهم؟ أم من المربين والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس؟ أم من الإعلام بكافة صوره وأشكاله؟ يجب أن يوقن الجميع أن العاطل ليس من لم يجد وظيفة بل إن ذلك مفهوم ضيق. إن العاطل من عطّل نفسه عن البحث والتطوير والقراءة واكتساب المهارات من خلال الدورات المقدمة من المنصات المعلومة أو المبثوثة في الوسائل المختلفة. إن العاطل من لم يستزد وينهل من معين العلم الصافي وظن أنه قد جمعه وحازه. إن العاطل من ظل مكتوف اليدين عاة على مجتمعه وأهله بانتظار حلول خارجة عن إرادته. إن المميز في أي تخصص ومجال بل في الحياة لم ولن يكون عاطلاً أبداً إلا إذا اختار هو ذلك وتأكد عزيزي القارئ ما دمت تتنفس فلا تزال بأمكانك فعل شيء ما.