كل إنسان مؤمن بالله، يعلم بأن الهدايا والنعم من الله لا تعد ولا تحصى، وكل النعم تكمن في جعل الإنسان يعيش حياة جميلة وسعيدة بكامل تفاصيلها، ولكي ندرك عظمة الله سبحانه وكرمه، فقد أغمر حياتنا بهذه النعم منذ ولادتنا، وبعضها في منتصف حياتنا أو في أوقات أخرى لا يعلم خيرها إلا هو سبحانه. أما نحن كبشر، فلن نشعر بجمال هذه النعم إلا عند فقدانها -لا قدر الله- أو عندما تأتينا في وقت ربما قد لا ندركه.
واحدة من أعظم النعم هي معرفة إنسان يشبهك. قال سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، فإن هذه الآية الكريمة تدل على وجود أجناس وأعراق مختلفة من الناس في هذه الأرض، ويوجد اختلاف من جميع النواحي ابتداءً في الأعراق، الحسب والنسب، التفكير، وحتى العادات والتقاليد. والسبب في دمج هذه الأرواح وتعاملهم مع بعضهم البعض هو الاتفاق في هذه الاختلافات التي طرأت عليهم. وقد تختلف طريقة التفكير عند البعض أو لربما إيمانهم واعتقاداتهم في بعض الأشياء ولكنهم يتفقون في نفس المبدأ.
أحياناً يرسل الله -عز وجل- لنا أناسا قد نحلم بهم أو نتمنى لقياهم، ولكن لا نتوقع مصادفتهم في زحمة هذه الحياة. وقد تزيد فرص الأماكن للاختلاط والتعارف على أشخاص جدد في حياتنا، ولكن الصدفة الجميلة تحدث في غير ميعاد مسبق ولا مكان متفق عليه. وفي أغلب الأحيان، فإن مصادفتنا لهذه الفئة من الناس تكون بأسباب عديدة قد لا ندركها، ومن أهمها هو دعاء أشخاص لنا في ظهر غيب، والتمني لنا بحدوث كل شيء جميل في حياتنا. كثير من الناس يؤمنون بالحب من النظرة الأولى أو الشعور بالارتياح لشخص ما من الجلسة الأولى أو حتى من الكلمة الأولى، ولهذا فإن السبب لهذه المشاعر هو لقاء الأرواح التي تتشابه. أحياناً كثيرة قد نصادف أشخاصاً ونبدأ بالحديث معهم لأول مرة وكأننا نعرفهم منذ زمن طويل، ومع استمرار الأحاديث نشعر بقصر المسافات لأشياء قد نتفق معها أو نرفضها. وهذا الشعور يجعل العلاقات بين الأشخاص متينة وتدوم لفترات طويلة بدون الشعور بثقل الزمن فيها.
من أهم الأشياء الإيجابية من وجود هذا النوع من الأشخاص هو نقل العدوى الإيجابية والشعور بطمأنينة الوجود. من الممكن أن تصيبنا مخاوف أو نمرّ بظروف حياة قاسية، قد نلجأ إلى أشخاص معنيين -من بعد الله سبحانه وتعالى- للتحدث والتعبير عن شعورنا البائس، والذي نشعر به في هذه المرحلة. وهنا يأتي دور هؤلاء الأشخاص بتغيير حالنا وطريقة تفكيرنا في أثناء هذه الظروف السيئة من مواساة والنظرة إلى أي شيء من زاوية أخرى لكي نعيد التفكير فيه، وبناءً عليه نتصرف ونحكم بإيجابية. إيماننا بالله سبحانه وتعالى بأنه سيرزقنا بأشخاص نحيى من حياتهم ونستشعر كل ما هو جميل من حولنا حسب نوايانا، وبأن هذا الشعور وحده يكفي لمحبة وتعزيز علاقاتنا بين الناس وتقويتها بالتواصل الدائم الذي يجلب المحبة والإيجابية معاً.