اهتم الإنسان على مر العصور بالفكر، ووجد الباحثون ضالتهم في الحديث عن الوعي المجتمعي؛ حيث اعتبروه الأساس في صناعة المجتمعات المتحضرة والناجحة مع اختلاف الظروف المحيطة بهذه المجتمعات؛ وتأثرها بالعوامل والمتغيِّرات المختلفة المؤثِّرة في ارتفاع نسبة الوعي وانخفاضه.
ولا شك أن الوعي أساس النهضه المجتمعية،حيث يبدو واضحاً في الممارسات السلوكية وطريقة حل المشكلات والأزمات، والتعاطي مع الأحداث التي تواجه المجتمعات وخاصةً تلك التي تضم الكثير ممن يفتقدون لهذه الثقافة الواعية؛ ولا يدركون ماهية التعامل معها؛ أو الانسجام مع صيرورتها، وأبعادها المستقبلية.. والأكيد أنه إذا تأزم الوعي لدى أفراد المجتمع تهالك بناؤه وازدادت المشكلات الاجتماعية.
وبلا شك فإن زيادة الوعي تعتمد بالدرجة الأولى على الظروف المحيطة بالفرد ومن ثم بالظروف المحيطة بالمجتمع.
كما أن وجود الفرد في بيئة معينة له أبلغ الأثر في تشكيل وعيه وفكره؛ ويعتمد الوعي أيضاً على مدى إدراك الفرد للواقع المجتمعي، وقدرته على التمييز بين الأفكار والثقافات.
وتتضح درجة الوعي من مجتمع لآخر بحسب نقده لذاته وسلوكيات أفراده ونوعية الخطاب السائد فيه.
ففي المجتمعات المتأخرة ثقافياً وفكرياً تتم الوصاية على الآراء والأفكار ولا تجد لها مساحةً من البوح! وذلك يؤدي إلى تفاقم حالة الجهل والتقهقر الفكري والاجتماعي.
كما أن السلبية الإعلامية في التعاطي مع قضايا المجتمع سبب رئيس في إخفاقه؛ وعدم قدرته على مواجهة المعضلات مما يؤدي إلى أن تبقى قضاياه بعيدةً عن النقد والتمحيص، ويصعب بذلك إيجاد الحلول والبدائل لأي قضية شائكة.
وعلى النقيض من ذلك، نجد أن المجتمعات التي تحظى بفكر إعلامي متجدد وواع تقفز بخطوات سريعة نحو التطور، وتجد حلولاً سريعةً لمشكلاتها.
وهذا ما يدعو إلى ضرورة تعزيز الوعي في أطر فكرية تنسجم مع حياة المجتمعات لبناء ثقافة مجتمعية واعية، وكذلك الاهتمام بالوعي الديني وتطوير العادات الحسنة، وتغليب مبدأ الحوار وتقبل الآخر والتعايش معه والبعد عن شخصنة الأمور في التعامل؛ مما يجعل الحياة أسهل! كما أن محاولة التكيّف مع أمزجة الآخرين تجعل بيئة العمل أفضل.
وبلا شك فإن ذلك كله سيؤدي إلى الحفاظ على مكونات المجتمع من التفكك، ويحقق نهضة مجتمعية متميزة.