في نهاية العام وبداية العام الجديد اللهم بشرنا بكل ما نتمناه واجعل السنة الجديدة فاتحة خير لنا، يا رب اللهم عاما جديدا يستقبل في طياته الفرح والأمان والحب، والسلام والسعادة والوئام. اللهم عاما مليئا بالسعادة والراحة وتحقيق الطموحات والأمنيات واستجابة الدعوات. نحن نعيش الآن نهايات السنة الهجرية (1441هـ) وبدايات السنة الهجرية (1442هـ).
همسة..
أن تصبح أفضل مما كنت عليه هو هدف نبيل، ولكن هل يمكن حدوث ذلك؟ ربما يكون الهدف الأكثر واقعية هو تحسين نفسك بطريقة متتابعة كل يوم. نظرًا لأن الحياة تتغير باستمرار، يجب أن تكون قادرًا على التكيف بما يكفي لتغيير العقليات والأفكار والأفعال وحس التذوق وتوسيع المدارك اللغوية واللفظية وَفقًا لذلك. في الحقيقة إن بداية السنة هي فرصة مواتية للتجديد وتحديد ما نريد. السنة الجديدة وكذلك السنة الدراسية هما كخطة البداية للانطلاقة الصحيحة لأن الابتداء المنظم يختصر نصف الطريق ويجعله أكثر وضوحا وسلاسة ومواءمة لترتيب أوقاتنا فيما يعود علينا بالأهداف المبتغاة.
لعلنا نفكر بمبدأ (قليل دائم خير من كثير منقطع) وفي الحديث قول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- (إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) المقصد هو الديمومة مع القلة فليست العبرة بالكمية مع كثرة الانقطاعات. فكم من مرة وضعنا خططا وأهدافا واستراتيجيات ونقاطا وذهبت في أدراج الكسل والتسويف والإهمال وضياع الوقت وتأجيل المهام إلى أجل ووقت لاحق حتى غابت عن أذهاننا. والأمثلة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى ومنها: القراءة، تعلم اللغة الإنجليزية، حفظ سورة من القرآن، ممارسة الرياضة، حضور دورات تدريبية ............ الخ.
يُقال: إن (40%) من أفعال يومنا هي عادات شكّلناها في الماضي، لا أعلم مدى صحّة هذا القول، لكن لِمَ لا نُجرّب ونُراقب أنفسنا عن قرب خلال هذا اليوم والأيام المقبلة علينا ولربما أسبوع لنرى ما نفعل من أفعال دون أن نشعر، لأنها تشكّلت في عقولنا منُذ زمن وأصبحت عادات لا نفكر حتى في تأديتها.
وقفة..
الحمد لله فكل شيء يتمناه المرء من طموحات وإنجازات قد يضعها لنفسه من بداية العام. ومن الضروري عدم الاستعجال، فبعضهم يركض ثلاثة أرباع يومه بل كله ويعتقد أنه بعد ذلك أصبح عداء مارثون أوأنه سيقارع المتنبي في قصائده أوأنه بلغ الثريا .إن تحقيق الأهداف والخطط لا تأتي على عجل ولا تأتي على هذا النحو بل إنه يأتي بالحلم والأناة والعلم والتعلم والحذق والفراسة والجهد والاجتهاد. قد يقف في نهاية العام لينظر ما حقق خلال هذا العام ولو بشيء بسيط فهي تعد خطوة للأمام فيحمد الله عليها فهناك أناس كثر قد لا يتقدم بل من الممكن أن يتأخر أو ينكسر في حياته ولكن بإصراره وقوته ورباطة جأشه يعود ليقف مرة أخرى على قدميه ليواصل السير قدما لتحقيق أمنياته وهذه حال الدنيا لاتقف على توقف أحد أوتخلف آخر أو حتى بموت بعضهم ستظل تسير حيث شاء المولى عز وجل ولكن على المرء العاقل الفطن أن يدرك أن مضيء العام خلف العام ما هو إلا نقصان في حياته فلا بد من مسابقة الزمن بالتزود لما بعد هذه الدنيا وما ذلك إلا لمن هو مدرك ومؤمن بالله، فمنهم من يعكف على قراءة القرآن في وقت فراغه، ومنهم من يتعلم الحديث ويعلم أبناءه، ومنهم من أعطاهم الله مقومات يسخرها في عمل الخير مسابقا بذلك غيره تقربا إلى الله عز وجل، وما يتعاقب العام بعد العام إلا نذير لمن أراد ان يتدبر. وفي المقابل هناك أناس قد ألهتهم الدنيا بملذاتها وشهواتها ومغرياتها فانغمسوا فيها نسأل الله السلامة والهداية لهم.
عزيزي الأب وعزيزتي الأم..
نحن على قدر من الوعي والإدراك أكثر من أبنائنا وأكثر نضجا للخوض في معتركات الحياة فلا بد لنا أن نوجه أبناءنا إلى الطريق السليم والمبادئ والقيم التي قد تساعد في النهوض بأبنائنا وتوعيتهم إلى بلوغ الأهداف النبيلة المستسقاة من ديننا الحنيف فقدوم العام الجديد لابد أن نفرح بما قدمنا في العام السابق فخير الأعمال خواتيمها وذلك كي نبدأ عاما جديدا مليئا بالهمة والنشاط ونودع فيه أكثر مما أودعنا في العام السابق من الأعمال والحسنات لنلقى بذلك رب العزة والجلال ونريه من أنفسنا ما هو خير.
المشاركة تدفعك خطوة الى الأمام
شارك عائلتك وأصدقاءك دومًا إنجازاتك سوف تحظى بالتشجيع مرةً وبالتصويب مرّاتٍ أخرى، قد يُلهمونك بأفكارهم وتجاربهم، وقد يتقاسمون معك هذا الشغف.»إن التركيز على ما نقوم به جيدًا أفضل من التركيز على ما لا نستطيع أن نقوم به».
أن تتحدى نفسك أمر رائع بلا شك، لكن المبالغة في الأهداف وجهل قدراتك تجعلك تحت سندان الضغط ومطرقة العقبات، وجّه تركيزك إلى الأهداف الأنسب لمهاراتك والأقرب لشغفك وطوّرها وكُن صبورًا في ذلك -يمكنك رفع سقف الأهداف على المدى البعيد– بدلا من تشتيت انتباهك لاتجاهٍ لا يتناسب مع وقتك أو ظرفك الحالي لتجد نفسك مُلقًى على طريق الخيبة نهاية العام ناعتًا نفسك بالفشل، عزّز نقاط قوّتك دائما وابدا لك ولغيرك ولمن يهمه أمرك.
هل تعتقد أن بداية العام هي الفرصة الوحيدة؟
قد يربط بعض منا إنجازه بالبدايات فقط عام، شهر، أسبوع لن أنكر أن للبدايات رونقُها، لكن هذا ليس المعيار الوحيد يمكنك أن تبدأ في أيّ وقت، أن تبدأ الآن أو حتى في آخر شهرٍ من العام، إن بداية إنجازك ليست بداية العام الجديد إنما لحظة انطلاقك ذاتها في أيّ وقت كانت.
الخلاصة..
في الحياة أمامك خياران إما أن تملأ العالم ضجيجا بدون عمل أو أن تملأه تأثيرا بدون ضجيج..