فهد بن جليد
كتبتُ سابقاً عن قصة مؤسس ثاني أكبر سلسلة مطاعم بيتزا في العالم وكيف أنَّه يتَّبِع مُنذ عقود طويلة حمية غذائية حتى لا يزيد وزنه عن 74 كيلو جرامًا وهو الوزن المثالي، وإذا اضطره الأمر فهو لا يتناول أكثر من 500 سعرة حرارية فقط، بمعنى أنَّه لا يتناول قُرص البيتزا الذي يصنعه للزبائن، بينما سلسلة مطاعمه حول العالم هي المسؤولة عن زيادة الوزن لدى كثير من الأشخاص، مثل المفاهيم تتطلب دوماً إعادة فهم الأمور من حولنا فيما يخص الأطعمة تحديداً وطرق الإغراء والدعاية لتناولها, ولعل الصورة تتضح أكثر عندما نرى وجبات عمَّال مطاعم المندي والكبسة والمضغوط والتي تتكون في الغالب من (النواشف والوجبات الخفيفة والفواكه) حفاظاً على صحتهم ورشاقتهم, رغم أنَّهم يبيعون الأغذية المشبَّعة بالدهون والكوليسترول طوال اليوم, الصور لا تخص مجتمعنا فقط.
كثيرة هي القصص المُشابهة, فالأمر لا يتعلق بالتصرفات والقرارات الفردية فحسب, تخيَّل أنَّ ثاني أكبر شركة تصنيع تبغ في أمريكا منعت موظفيها من التدخين داخل مكاتب الشركة حفاظاً على الصحة العامة, مثل هذه الأخبار تجعلنا أمام حقيقة ثابتة بضرورة مراجعة الكم الهائل من المعلومات والإعلانات الترويجية التي قد تصدر من جهات لا تؤمن أساساً, بما تنتج أو تروج له.
أحد الأصدقاء سافر للحصول على ابتسامة (هوليود) لأنَّه تأثر بالترويج لسعرها الأرخص هناك، وكون الضمان أطول، ووقتهم أسرع، صاحبنا عاد بأسنانه القديمة لأنَّه تردَّد عندما رأى أسنان موظفة الاستقبال صفراء، وتراجع نهائياً عندما وجد أنَّ أسنان الطبيب نفسه مُتفرقة وطبيعية مثل بقية خلق الله، وليست هوليودية لامعة مثل تلك التي يضعها لمُراجعيه.. تأمل المتناقضات فهي تحتاج تفسير.
وعلى درب الخير نلتقي.