رجاء العتيبي
لا تتوقع نتائج مذهلة من رجل عادي يتقلد منصبا مهما في جهة ما (حكومية أو أهلية) حتى لو جلس 30 سنة, لن يغير بالأمر شيئا, بل إن مكوثه سنوات طوال يفضي إلى مزيد من الخسارة على المؤسسة التي يديرها, لهذا جاءت فكرة الفيلسوف الألماني (نيتشة) عندما رأى أن الخلاص في الرجل السوبر (Superman) أو (أوبامنش bermensch) باللغة الألمانية.
ليس حديثنا عن فلسفة نيتشة في الرجال الأقوياء, ولكن حديثنا كيف يمكن أن نختار القيادات المؤثرة التي تقود مؤسساتنا الإعلامية, على اعتبار أن الإعلام واجهة الدولة, وصوتها, وقوتها, أما مجيء نيتشة في هذا السياق, فلأنه وضع حلا من القرن العشرين, وقال عن نفسه: «بذلك يكون خلاصا للبشرية» وبغض النظر عن تطرفه في هذه المسألة, يظل (الرجل الخارق) الذي أسهب نيتشة في وصفه حلا لكثير من المصائب التي ينتجونها القيادات الضعيفة التي لا تفكر في أبعد من حدود قدميها.
لعل الوقت قد حان لوضع معايير للمرشح في مجال الإعلام - وغيره من المؤسسات - من ضمنها مدى اتصافه بـ(الرجل السوبر) وقدرته على التأثير على نطاق واسع, ومعايير أخرى لقراءة المشهد الإقليمي والعالمي تتعلق بالتقييم يضمها مركز معلومات ضخم ودقيق يضع كل المشتغلين في الإعلام بحجمهم الطبيعي, عربا كانوا أو عجما.. أو حتى من أبنائنا.
الرجل السوبر لا يظهر في البيئات الفاسدة لأنه خطر على الفاسدين, فساد (إداري/ مالي), يُنحّونه جانبا بأي شكل حتى (تستنوق الجمال) براحتها على حد تعبير الشاعر الجاهلي/طرفة بن العبد وهذا أمر يعرفه أهل اللغة والأدب بشكل جيد.
تسقط حينها (أنظمة الاستجابة) للناس السوبر, وتتعثر كل سبل الإصلاح فالسوس يكون قد نخر المكان, وبات الشقُّ أكبر من الرقعة.
الذين يرشحون القيادات في مجال الإعلام من (أصحاب القرار) عليهم أن يعرفوا معنى الرجل السوبر, أن يبحثوا عنه أن يتحسسوا مكانه, لأن لديه من الكرامة ما يجعله يترك (الجمل الذي استنوق) بما حمل.
الرجل السوبر ورجاله الأوفياء لا يسهل اختراقهم لا بمال ولا بغانية ولا بكافيار.. ليسوا بالخبّ ولا يخدعهم الخبّ. رجال يعرفون أن الوطن قيمة عليا.
لهذا يصف نيتشة موت القيم عند الفاسدين بموت الإله, فإذا قتلوها فإنهم قتلوا الإله, والإله هنا إلههم الذي صنعوه تعالى الله عما يقولون, فإذا رأوا أن قتله ضروريا تسقط القيم والعدالة ومعنى الحياة ويكونون أقرب لخيانة الوطن.. وتصبح قيمهم ذاتية, علينا أن نفهم نيتشة بشكل صحيح حتى لا نخطئ في فهم هذا المفكر الذي يتكلم بحرقة لا نظير لها.. على الأقل نأخذ منه ما يصلح للحال والمقام.
** **
NLP1975@Gmail.com