عبد الله باخشوين
لا يوجد (صراع سياسي) لا يكون (المال) ولا نقول (الاقتصاد).. طرفاً أساسياً فيه.. لأن للاقتصاد أوضاع هيكلية ذات أسلوب ونظام إداري ونظري تتشكل في ضوئه اقتصاديات الدول وأنظمتها التي تدير بها مواردها الطبيعية.. ورأس مالها الصناعي والتجاري والاستهلاكي وشبكة الخدمات الاجتماعية ومجالات أنشطتها التبادلية.. التي تشكل في مجموعها نظام اقتصاد سياسي المعني بالتنمية والارتفاع بمستوى المعيشة الفردية والجماعية وتحسين وتطوير الخدمات التي تقدمها في المجالات كافة.
بهذا المفهوم البسيط العام الذي يمثل أعلى درجات فهم أمثالي من السوقة من عباد الله.. وسوف يعذرني أهل الاختصاص.
أما (صراعات المال السياسي).. فهي شرسة وخطرة.. تقوم على المناورات والمعارك الجانبية ومحاولة الوصول إلى نقاط مشتركة تسهل ما يحقق (مشروعية) تقاسمه.. بعيداً عن أعين الحسد والفضول.
والقناة المفضلة والهامة لصراع (المال).. تتم عادة عن طريق (المال) الممنوح كمعونات ومساعدات للدول الفقيرة والمنظمات النشطة.. و(الجهات) المحكومة بشروط (كفاح ونضال) الأخوين الحبيبين لدى الجماعات التي تدعى رعاية قضايا وحقوق مشروعة تتطلب الدعم (السخي) من الدول الحليفة والصديقة والداعمة والمانحة.
وصراع (المال) هو الذي يدفع الدول لوضع شروط وقيود للإنفاق كحال الشروط التي تريد فرضها كل الدول التي عرضت مساعدتها لدولة مثل (لبنان) في (الكارثة الحاضرة). لضمان وصول أكبر نسبة منه للإنفاق على إعادة تعمير البلد وليس الإنفاق على ميليشيات (حزب الله).
أما عندما يصل الحديث (إلى الحالة الفلسطينية) فإن (الكارثة) حاضرة منذ (ستينات) القرن الماضي المتوجة بشعار (ادفع ريالاً تنقذ عربياً).. مروراً بـ(سهى عرفات) والمال الذي كان يصل لياسر عرفات قبل أن يصل بها الأمر لـ(الاختفاء) عن أنظار الطامعين.. والملاحقين وأصحاب الحق، وأصبحت في مكان لا يعلمه إلا الله.. هذا طبعاً قبل أن نصل إلى أبناء محمود عباس مزن وطارق وياسر الذين ارتبطت أسمائهم بالثراء المالي بتكوين إمبراطورية مالية واسعة بدأت في عمان.. وعبر حسابات وأنشطة قيل إن (البنك العربي الوطني) فتح لها قنوات استثمار متشعبة في أنحاء كثيرة من العالم.. أما الـ(مناضلين) أمثال خالد مشعل وإسماعيل هنية فقد تكفل المال (القطري) بتمويل كل نضالاتهم للوصول لـ(القدس) وتحريرها بـ(تكديس المال) الذي حرم من الوصول إلى مستحقيه.
كان (أمر طبيعي) ألا تسأل السعودية أو الإمارات أو الكويت:- (أين تذهب المبالغ الكبيرة الممنوحة لمنظمة التحرير أو لعموم المقاومة.. حتى وهم يرون الأطفال وأمهاتهم في المخيمات يسيرون في وضع مزري لا يليق بالبشر.. بينما أموالهم الممنوحة الكفيلة بإعمار دول (تطير كالشعارات التي تطيرها أفواه (المناضلين) المتمرسين في المزايدة بالشعارات) ولا يصل أي مال لمستحق أو محتاج. والقادة يزايدون بتمويل عمليات صنفت (إرهابية) لأنها لا تخدم القضية وأهلها الفقراء الذين يمنح المال من أجل سد احتياجاتهم في الحياة وتأمين مستلزمات الصحة والتعليم وغيرها مما يقول به الاقتصاد السياسي.
أما بعد (أوسلو) وقيام نواة (دولة فلسطينية).. فقد أصبح فيها حتى شاعر مثل محمود درويش (وزيراً للثقافة) وأصدرت جوازات سفر ولديها (تأشيرات... وسلام وطني).. قبل أن يتجدد (صراع المال السياسي) ويتم البحث عن الحصص التي طارت من جيوب (القادة) أمثال مشعل وهنية ودحلان واستقرت في جيوب (المناضلين) من أجل تحرير (القدس) في مشارق الأرض ومغاربها.. وقسم صراع المال إلى دولتين بين غزة ورام الله وأمنت كل واحدة علاقاتها مع الدول التي سوف تدعمها.
وبالحديث عن الدول الخليجية والعربية التي تريد بناء علاقاتها وفق مصالح دولها فإن حسابات.. كل المحتجين على (التطبيع) تتجه (للحسابات المالية) ويصبح القول هو:- كم كان حجم دعم هذه الدولة لـ(القضية).. وكم ستخسر (دولة القضية).. بتوقف هذا الدعم.. ويصبح أبرز المحتجين هم أولئك الذين كان المال يديرهم ويديرون به دون وجه حق؟