عبد الرحمن بن محمد السدحان
لا أدري كيف سيدون مؤرخو هذا القرن المكلوم بكارثة (الكورونا) الجارفة، وما أحدثته من أضرار بشعة في الأحوال والأنفس! وقد شهد العالمُ بسببها: شرقُه وغربُه وشمالُه وجنوبُه ما خلّفته هذه الجائحة من شرور ومواجعَ وحسَرات. لم يقتصر بلاؤها على مدينة أو بلد بعينه، في معظم أرجاء العالم، دون استثناء!
* فجأةً، بدون إنذار أو نذير، وجدنا أنفسنا أمام كارثة لا تكاد تُبقي ولا تذر، بل لا تفرّق بين كهل أو شاب أو جنين من الجنسين، وَدَعَونا الله مخلصين له الدين الذي بيده زمام كل شيء أن يقيّضَ للإنسانية سُبلَ الخَلاص من هذا العدوّ الغاشم الذي يتسلل عبر المهاجع والمجالس حاملاً في لحظة من ليل أو نهار (فيروسَه) الخبيثْ، فيختلط بالأنفاس البريئة، وإذا لم يكن لهذه الضحية وسيلة اتقاء لشره، قضى عليها في أيام قلائل!
* ولقد اختلف الناس في كل بقاع الأرض في تفسير هذه الكارثة، جذورًا وأسبابًا ونتائج. وتسارعت العقول إلى تكريس الجهد في هذا السبيل، وصولاً إلى نتائج تطفئ لهبَ السؤال. منهم مثلاً من زعم أن الكارثة (من فعل فاعل) من البشر من حيث يعلم أو لا يعلم!
* ومهما يكن من أمر هذه الجائحة تحليلاً أو تشخيصًا أو استنباطًا، فإن الأمر سيبقى عصيًا على الفهم حتى تزول الغمة بإذن الله، ويستعيد الناس القدرة على التحليل لظواهر الجائحة، استدلالاً عليها لما كان بالأمس القريب أحجيةً لكلّ ذهن يعجز عن استكشافها!
* كفانا أذىً من هذا البلاء المبين أنه حرمنا من فضيلة الصلاة في المساجد، فغدتْ جوامعنا كهوفًا شبه مهجورة آناء الليل والنهار.
* ورغم ما قِيل أو كُتب عن هذه الجائحة، وما رَتَّبه انتشارها على البشرية عزلةً في البيوت اتقاءًا لشرها، فإن من العقل أن يستنبط المرءُ الحذرَ اللازمَ والعزلة التي لا تكلف ممارستها شيئًا سوى الابتعاد ما استطاع عن أماكن انتشار هذا الوباء، اتقاءًا للعدوى منه.
* وبعد،
كفى الله بلادنا الغالية، قادةً وشعبًا، شرَّ هذا البلاء، ووقانا أذاه وعواقبه، وهيّأ لنا سبلَ الحماية منه، إنه وليّ النعم والقادر على كل شيء، والحمد لله من قبل ومن بعد.