فهد بن جليد
النساء (السنابيات) أصبحن أيضاً يفضلنَّ تصوير (السناب) داخل السيارة حتى وهي متوقفة، لا أثق عادة في أي رأي يتم طرحه خلف (مقود السيارة)، أشعر أنَّ كثيراً من الآراء الشاطحة صورها أصحابها هناك، وكأنَّ لدينا أزمة تعبير في المنزل أو المجلس، هل هو الخجل؟ هؤلاء يصورون يومياتهم وتفاصيل منازلهم، ولكن يبدو أنَّ شرط طرح الآراء بجرأة هو (غمارة) سيارة مغلقة، وكأنَّه الخوف من الحديث وسط الناس؟ رغم أنَّ الرسالة موجَّهة لكل الناس؟ ظاهرة لافتة تستحق التأمل والدراسة، لربما خرجنا منها بنتائج لعلاقة من (يسنِّبون) خلف (الدركسون) كما نطلق عليه، و(الديركسون) كما يسميه المصريون، أو (سكان) كما يقول أهل الكويت، أو (الستريون) على رأي العراقيين، أو (البولا) كما يقول أهل المغرب، أو (فولون) بلهجة أهل تونس والجزائر، إذا كان (للمقود) 7 مسميات في لهجاتنا العربية، فلا غرابة ألاَّ نتفق حول ما يتم تصويره خلفه.
هذا الأسبوع شاهدت مقابلة (تيك وي) على إحدى الفضائيات العربية عبر (سكايب)، ظهر فيها الضيف مُتحدثاً خلف مقود السيارة وهي واقفة طبعاً، وكأنَّها عدوى السرعة والأطروحات (الطيَّارية) يا سادة، التي أصبات حتى برامج التلفزيون لتخرج لنا محاور (الطاط) و(الطوط)، أطروحات تمتاز بالعشوائية كنوع من الخلل النفسي وعدم الثقة، وحب التباهي واللجوء للسيارة (مركبة الهرب) وعنوان الانتقال والتغير، ورمز الانشغال.
إذا كانت الحياة الواقعية موجودة خارج هذه التطبيقات، فإنَّ التعبير أيضاً ممكن خارج السيارات، (هوس الكلام) في هذه الأماكن يكثر معه الخطأ والزَّلل، وهو ما يلزمنا بالتذكير بأمانة الكلمة وضرورة التحضير الجيِّد لها، فلا أعتقد أنَّ من سيظهر على التلفزيون من داخل سيارته - دون مبرِّر - يحترم مشاهديه، ولا من يطرح آراءه الشاطحة داخل السيارة بعد منتصف الليل، يعيش واقعه بشكل طبيعي.
وعلى دروب الخير نلتقي.