«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
لم يكن عام 1985 عامًا عاديًا بالنسبة للشاب وليد بن محمد الفراج الذي يحمل دبلوم الإعلام من مصر؛ إذ بدأ في ذلك العام يشق طريقه نحو القمة في مهنة الصحافة الرياضية محررًا ميدانيًّا في صحيفة اليوم، يغطي أخبار الفرق الرياضية بكل تميُّز، نتج منه فيما بعد استلامه منصب نائب رئيس القسم الرياضي بصحيفة اليوم، وقبلها بسنتين عمل محررًا في صحيفة الرياضية. وحينما غزا العراق دولة الكويت عام 1990 عمل مراسلاً سياسيًّا في صحيفة الحياة، وغطى بكل حرفية أخبار الحرب والجيش السعودي وقوات التحالف، كما كان يعمل في الوقت نفسه مراسلاً إخباريًّا في إذاعة وتلفزيون دبي، وعاد بعد ذلك لصحيفة اليوم، واستلم منصب نائب رئيس القسم الرياضي. وبعد خمس سنوات أصبح مديرًا للتحرير في صحيفة الرياضي التي كان يملكها الشيخ فيصل الشهيل، كما كان يعمل محللاً تلفزيونيًّا في قنوات art. وفي تلك الحقبة تميزت جريدة الرياضي بإدارة تحرير مهنية، وكان يديرها وليد الفراج بكل إتقان وحرفية، وصنع في تلك الحقبة أسماء إعلامية، أصبح لها شأن كبير في الصحافة.
وفي مطلع الألفية ترك ابن الشرقية منطقة الخبر التي وُلد وترعرع فيها، وذهب لمنطقة جدة؛ ليقدم برامج رياضية في قنوات art التي استلم مهام إدارتها فيما بعد. وقد تميزت شبكة art الرياضية التي كانت تنافس كبرى القنوات العالمية في تغطية المسابقات العالمية. وفي هذه المرحلة صنع وليد الفراج لنفسه مجدًا جديدًا في عالم الفضاء والتلفزيون، ونقل بث كرة القدم السعودية وبرامجها الرياضية لمرحلة جديدة، عنوانها «الاحترافية»، كما صنع أسماء إعلامية، سواء مراسلين أو معدين أو مذيعين. وتميز وليد الفراج في هذه المرحلة بـ»المهنية» التي انتقلت معه من الصحافة إلى التلفزيون؛ إذ كان يدير شبكة art بجهد مضاعف، ويقف على مسافة واحدة من الجميع. وحينما قرر مُلاك قنوات art بيع القنوات لم ينتهِ وليد الفراج؛ فقد قرر أن يكمل مرحلته التلفزيونية ليضيء سماء البرامج الرياضية، ويرأس تحرير برنامج «الجولة»، ويقدمه على قناة لاين سبورت الرياضية بعقد يعد الأضخم في تاريخ الإعلام الرياضي آنذاك. وفي الموسم الثاني انتقل لقنوات mbc ليقدم برنامج «أكشن يا دوري» على قناة mbc أكشن. واستمر في هذا البرنامج سنوات عدة؛ ليعود مجددًا للقنوات الرياضية السعودية، ويعود لعشقه «التقديم»، ويقدم برنامجًا يحمل اسمه، وهو أول برنامج رياضي يحمل اسم مقدمه «الدوري مع وليد».
هذه المراحل التي مر بها الزميل المخضرم وليد الفراج، كانت عبارة عن دروس في مجال الإعلام الرياضي، استفاد منها من استفاد، وأعرض عنها من أعرض. وبدون شك إن هذه المراحل لم تكن سهلة، بل واجه من خلالها العقبات والمصاعب، ولكنه استطاع تجاوزها بفضل الخبرة والذكاء، ومن ثم الانتقال لمرحلة «النضج» التي خاطب من خلالها «العقول» لا «العواطف» محاولاً تغيير نهج استمر عليه الوسط الرياضي عقودًا عدة، كان فيه «التعصب» قد وصل لذروته. وأيضًا واجه وليد الفراج في هذا التوجه صعوبات عدة، بل واجه حروبًا شعواء، طالته شخصيًّا، وطالت مَن حوله، حتى وصل الحال بمن يعارضه للسب والشتم، ومحاولة تحييده وإبعاده عن الفضاء، ولكن وليد وقف كالجبل الشامخ الذي لا يمكن أن يهتز رغم أن الحرب كانت «موجهة» وتُدار من خلال «مجموعات» خلفها «شخصيات»، سخرت معظم وقتها للنيل منه، وكل ذلك؛ لأن الفراج «مستقل»، ولم «يخضع». ومع كل أسف، إن من بين تلك الأسماء مَن للفراج فضل عليهم في مجال الإعلام؛ إذ أخرجهم من الظلمات إلى النور، وفتح لهم المجال ليكونوا إعلاميين رغم أنهم لا «يفقهون» أبجديات العمل الصحفي، ولكنهم ردوا «الوفاء» بـ «الخيانة»، وطعنوا «معلمهم» من الخلف، وبالرغم من ذلك أكمل الفراج طريقه غير آبه بما يقال عنه، ولم يرد بحرف واحد على مَن تهجم عليه أو حاول النيل منه.
وليد الفراج بعد أن أمضى أكثر من ثلاثة عقود في مجال الإعلام الرياضي ترك لغيره «التشجيع»، وانتقل لمرحلة «النضج»، وأصبح يقدم برنامجه بشكل مختلف عن بقية البرامج الرياضية السعودية وحتى الخليجية، حتى أنه حينما «يغيب» يُفقد، وحينما «يحضر» يكون برنامجه «المتسيّد»، بل هو البرنامج الأكثر «تأثيرًا»، وبالأرقام هو الأكثر «مشاهدة».
وليد الفراج قدم للإعلام الرياضي، خاصة التلفزيوني، عصارة جهده، ونقل البرامج الرياضية من «الهواية» لـ»الاحتراف»، وقدم للوسط الرياضي أسماء إعلامية وفنية، انتقل بعضهم للعمل في «الأندية»، وبعضهم انتقل «لاتحاد القدم»، وهذا يُحسب للفراج الذي خدم الرياضة السعودية من خلال برامجه التي يقدمها، وحسن اختياره لبعض الأسماء التي تخرج معه، إلا أن مشكلة وليد تكمن في «مجاملة» بعض الأسماء التي قدمها دون أي تاريخ، وهذا خطأ ربما استشعره الفراج لاحقًا.
ختامًا.. سيبقى وليد الفراج أحد رموز الإعلام الرياضي في الوطن العربي فما قدمه طوال العقود الثلاثة الماضية، بما جعله يحتل مكانة عالية، سواء في الإعلام الرياضي، أو في قلوب الجماهير الرياضية. ومهما حاول خصومه التقليل منه سيرد عليهم التاريخ الذي دوّن في صفحاته مجدًا إعلاميًّا، لم يصل له إلا قلة من الإعلاميين الرياضيين.