محمد بن عبدالله آل شملان
ما بين مؤيّد ومتحفِّظ على بدء العام الدراسي الحالي 1441- 1442هـ في وقته دون تأجيل، وإعادة فتح التعليم، لربما يجلب التساؤل المهم: هل انتهت الجائحة؟، والخطر الداهم لفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»؟
بالتأكيد أن الأمر لم ينته حتى الآن، ولكن الدول ليس في يدها خيارات عديدة، فإما أن تبقى تحت رحمة المراكز البحثية الطبية، تنتظر في كل يوم سماع نبأ إيجاد علاج لتعود من بعد ذلك إلى مسار الحياة الطبيعية فيها، أو أن تهيئ نفسها على التجهيز للتعامل مع أصعب الاحتمالات وأسوئها والسيناريوهات لهذه الجائحة، عن طريق تجهيز المنشآت الصحية بالكادر الطبي والأسرّة والأدوات اللازمة، وتشغيل التطبيقات الذكية التي تمنح الجمهور المعرفة إذا كانوا عُرضة للإصابة، ومن ثم يتم تخفيف القيود، وتضع الفرد المسؤولية بالشكل المباشر أمام هذا الفيروس.
هذه الاستعدادات قام بها وطننا بكل امتياز، وأنجزها بشكل سريع وكبير، ولم يأت قرار بدء العام الدراسي الحالي في موعده وإعادة فتح التعليم عن بعد إلا بعد اكتمال جاهزية الفرق المعنية للتعامل مع هذا الظرف الاستثنائي، وأما الطرف الثاني وهو الأسرة التعليمية وأولياء أمور الطلاب والطلاب أنفسهم على حد سواء، فمن وجهة نظري أنهم كانوا طوال الفترة الماضية مطلعين، كانت النشرات التوعوية والمنشورات الإعلامية كافية بكل تأكيد؛ لتكوين ثقافة مجتمعية يعرف كيف يتعامل مع ما يجري، وقادر على أن يجنّب نفسه ومن حوله الإصابة، فالانصياع للتعليمات والالتزام بالإرشادات الوقائية بالتأكيد أنه يعتبر ضرورة ومسؤولية الفرد لا مسؤولية الدولة، والقرارات الصادرة عن الجهات المختصة في الدولة اتجاه المخالفات هدفت إلى ضبط تصرفات الأفراد في المجتمع.
المسألة ببساطة هي أنه لا ينبغي الركون وإعلان الاستسلام والانتظار إلى حين انتهاء الجائحة، ما دام هذا الوطن المبارك اتخذ كافة الاحتياطات اللازمة، وأثبت نجاحه في التعامل مع الجائحة على المستوى التعليمي في الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي المنصرم، وهو التعامل الأنموذج عبر منظومة التعليم الموحدة، التي شهدت تفاعلاً متعدد الاتجاهات من قبل المعلم والطالب وولي الأمر، توحَّد وعيهم الوطني بفترة قياسية، حتى جاء الإعلان عن التوجيه بنقل جميع طلاب وطالبات التعليم العام للصفوف الدراسية التي تلي صفوفهم الحالية وفق التقويم الدراسي المعتمد.
تجربة التعليم عن بعد تعطينا إشارات بليغة، بأننا في هذا الوطن المتقدم بإمكاننا التعايش مع هذا الظرف، واستمرار عجلة حياتنا اليومية، ولكن بنمط صحي أكثر اهتماماً من أي وقت مضى، وهناك فرق بين دول تلتزم بالصبر دون عمل، وأخرى تؤمن كل الإيمان بالصبر والأمل في العمل على تخطِّي هذه المرحلة. لدينا العمل المتمثل بالفرق المعنية بإدارة الأزمة في وزارة التعليم، ولدينا الأمل الذي يتمثل في رؤية السعودية 2030، تمهيداً لصناعة الإنجاز التعليمي بتحقيق المستهدفات رغم الظروف الصعبة.