أحمد عبدالعزيز الحميدي
الظبي من أرشق الحيوانات التي عرفها الإنسان، واستأنسها منذ القِدَم، وأنواع الظباء كثيرة متشابهة لدرجة يصعب على غير العين الخبيرة التفريق بينها. وهو يسكن الغابات والصحاري في أنحاء العالم المختلفة. ويفضل العيش في قطعان. والظبي من المجترات، التي تتغذى على الأعشاب وأوراق الأشجار، وهو هدف للضواري كالفهود والذئاب وغيرها...
ومن أنواع الظباء المشهورة في الجزيرة العربية: الريم والأدمي والعفري وقد أصبحت مضرباً للمثل لجمالها ورشاقتها، ماحدا بالسواد الأعظم من الشعراء لتشبيه المحبوبة بالريم أو الظبي عموماً. ويقال في الأمثال للدلالة على الأمن: «أمن من ظباء مكة» وفي كمال الصحة: «أصح من ظبي» وفي جمال العيون «أصفى من عين الظبي»، ويقال إن القرد يرى ابنه جميلاً كالمثل القائل: «القرد بعين أمه غزال» لشدة جمال الغزال أو الظبي.وقد اشتق من اسمه الغزل والتغزل أي إطراء المحبوبة وجمالها ورشاقتها والريم عند عرب الجزيرة هو الظبي الذي بطنه وخاصرتاه وساقاه الخلفيتان ووجهه كلها ذات اللون الأبيض ماعدا ظهره فهو بني فاتح اللون، والغزال االعفري أصغر أنواع الغزلان حجماً في جزيرة العرب، ويسمى الغزال الذكر عفري أو أعفر ويتميز بحاسة شم قوية جدا، فهو ينفر ويهرب من أي مكان يشم فيه أي رائحة كريهة مهما كانت هذه الرائحة قليلة، ولذلك يضربون المثل بالغزال العفري للإنسان فيقولون فلان أوفلانة خشم عفري أوعفرية أي أن أنفه حساس لأي رائحة، أما النوع الثالث هو الادمي بكسر الدال وهوبني غامق اللون يمتد على البطن ويصل قليل منه أسفل الجانبين، ولا شك أن العفري عندي أجمل من الادمي. كذلك يشبّه بعضهم أوصاف الإبل الأصايل (الهجن) بالغزال من ناحية الرأس والأذن والعين والوبر،كذلك تحوز الهجن جمالاً ورشاقة فسبحان المبدع الخالق.
من طرائف أبو دلامة أنه خرج مع الخليفة المهدي العباسي ووزيره علي بن سليمان مرة إلى الصيد فرمى المهدي ظبياً فأصابه، ورمى علي فأخطأ وأصاب سهمه كلباً من كلاب الصيد فقال أبو دلامة على البديهة:
قد رمى المهدي ظبياً
شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليمان
رمى كلباً فصاده
فهنيئاً لهما كل
امرىء يأكل زاده
فضحك المهدي حتى كاد يسقط عن سرجه، وأجازه. وفي وقتنا المتأخر تقول إحدى النساء مشبهة نفسها بالظبي وكانت معروفة باسم الظبي لحسنها:
يا ظبي لا تجفل تراني منيره
والظبي ما يجفل من الظبي لاجاه
ولشدة حذر الظباء بصفة عامة، وشكلها الجمالي، فقد استخدم الشعراء هذه الصورة للتقريب يقول ضويحي الهرشاني:
الا ياغزال فوق خده ثلاث رقوم
وايلا دش مع صيد الخلا ما يهابنه
وهذا مجنون ليلى قيس بن الملوح يمر به ظبي شارد فيذكره بحبيبته ليلى فيخاطبه قائلا:
أقول لظبي مرّ بي وهو شارد
أأنت أخو ليلى؟ فقال: يقال
- للطرافة: يقال إن بعض الحمير تتخيل أحياناً إنها بجمال الظبا فتحاول الجري بهيئة الظبي حتى إن أنثى الحمار تنفر منه في وقت التزاوج لخوفها من إنجاب (جحش) وذلك لنسيانها أو تناسيها أصلها. دمتم بود.