أ.د.عثمان بن صالح العامر
في منتصف شهر رجب من العام الهجري المنصرم تحدث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن فيروس كورونا (كوفيد- 19) قائلاً في ثنايا حديثه ما نصه: (على العائلات الاستعداد لفقد أحبابها) كنا حينها في حائل التي أقطنها على الأقل في المرحلة الصفرية ولذلك قراءة هذا التحذير بشيء من الاستخفاف باعتباره جزء من اللعبة السياسية العالمية ولفت الانتباه، وإن كان ثمة فقد - حسب اعتقادي حين سمعت هذا التصريح - فستكون في كبار السن أصحاب الأمراض المزمنة الذين تعاني منهم أوروبا التي شاخت وتعتبرهم طبعا في ظل نظرتهم المادية (عبئا اقتصاديا)، ولم يكن يدور في خلدي أن هذا الداء الخطير والجائحة العالمية ستجتاح مدينتي لتنقلها من المنطقة الصفرية إلى الصدارة على مستوى المملكة بأعداد مهولة وأرقام مخيفة، وليصبح الموت جراء الإصابة بفيروس كورونا سبباً أول ورئيس لفقد الأحباب ورحيل الأقارب والأصحاب في غضون الأيام الماضية على الأقل، ففي يوم السبت الماضي الذي دفنا فيه شقيقي الأكبر وحبيبي الغالي وصديقي الوفي عبد الكريم (أبو صالح) كان معه في نفس اليوم من مات بنفس الداء، وكذا بقية الأيام وبأعداد قد تصل إلى الخمسة يوميا في منطقة لا تقارن بكثير من مناطق المملكة من ناحية عدد السكان، واليوم سنصلي على والد زميلنا (الدكتور ماجد الصمعان) الذي توفي البارحة جراء إصابته بفيروس كورونا كذلك، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ورزق أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، والحالات الخطرة الحرجة التي ترقد في العناية المركزة أعداد لم تكن في الحسبان يوماً ما، ولذا يعود التحذير الشهير الذي كان وقتها صدمة ليؤكد خطورة التعرض لهذا الفيروس القاتل، فهو ليس كما يقول عنه البعض بأنه مثل الانفلونزا العادية خاصة على أصحاب الأمراض المزمنة، ولذا كان لزاماً علينا التواصي بيننا بواجب الالتزام التام بكل التحذيرات الوقائية التي أوصت بها وزارة الصحة حرصاً على سلامتنا وسلامة الآخرين وعدم الانصياع لما ألفناه من عادة وتقاليد، والتعالي على المجاملات وخشية كلام الناس وما يقولون، فنحن في عصر ما بعد كورونا والعالم فيه اختلف عمّا قبل، والصحة والسلامة والعافية من أعظم النعم التي يمن بها الرب على جسد الإنسان فلنحفظها ولنحافظ عليها حتى لا تكون الفاجعة ويكون الفقد لا سمح الله، دمتم بصحة وسلامة وسعة رزق وأمن وأمان وإلى لقاء والسلام.