سهوب بغدادي
أمور معدودة تدفعنا للندم في الحياة، حيث يخصص الإنسان وقتًا للتفكير والتمحيص في أفكاره وخططه قبيل الشروع في تنفيذها، لذلك يأتي وقع مصلح الندم قويًا حينما يعمد شخص وصف مكنونات دواخله بها. من هذا الموطن، لفتني التقرير الصادر عن هيئة تقويم التعليم والتدريب حول انخفاض معدلات التدريب والتطوير التربوي لقادة المدارس في المملكة، فضلاً عن أن نحو ربع المعلمين والمعلمات حاليًا نادمون على اختيار مهنة التدريس! أليس التصريح صادمًا! باعتبار أن مهنة التدريس من أفضل وأشرف المهن منذ الأزل علاوة على مكانة المعلم الرفيعة وصورته النمطية الإيجابية في حياة الفرد والمجتمع. إنه ليس مجرد تصريح بل يحمل طياته العديد من الأبعاد والتداعيات في أكثر من سياق. منها بحسب التقرير، ارتفاع نسبة ساعات التدريس لدى المعلمات في المملكة، وانخفاض متوسط ساعات التدريس الأسبوعية للمعلمين في المملكة (19.6) بفرق بسيط عن المتوسط للمعلمات (21.7)، وذلك فارق وإن كان بسيطًا. أيضًا عملية إشراك المعلم في اتخاذ القرار، حيث أورد التقرير ذاته انخفاضًا نسبيًا في هذا الخصوص. كما يشكل نطاق التدريب والتطوير المستمرين لأي موظف حافزًا مهمًا لرضاه عن عمله في مجاله، في الوقت الذي نقل فيه التقرير انخفاض معدلات التدريب فيما يخص المعلمين والمعلمات. كما بين التقرير انخفاض معدلات الدعم المالي للأنشطة المهنية للمعلمين، حيث حصل 10 % من المعلمين و7.8 % من المعلمات في المملكة على تعويضات مالية لسداد تكاليف المشاركة في الدورات المهنية. فضلاً عن الراتب والسلم الوظيفي حيث كشف ذات التقرير ارتفاع الرضا عن الرواتب، حيث أبدى 50.1 % من قادة المدارس الذكور و56.5 % من قائدات المدارس في المملكة رضاهم عن الراتب الذي يحصلون عليه من عملهم. وهذا الأمر لا أراه إيجابيًا، ففي حين قلبنا الطاولة بالاستناد على النسب ذاتها فسوف نجد أن النصف أو ما يقارب النصف غير راضين عن الرواتب ودخلهم المادي، فذلك الأمر يستوجب التوقف عليه بالدراسة والتلمس لاحتياجات المنتسبين إلى هذا المجال باختلاف وتنوع النطاقات وإن كانت تتجاوز الاحتياج المادي إلى الدوافع والمحفزات المعنوية وما إلى ذلك. فأبسط الإشكالات الراهنة والقديمة معلمو البند، فبالأحرى العمل على إيجاد آلية لتنظيم واحتواء الفئة هذه. فهم في المقام الأول معلمون. أيضًا ملف النقل حيث سمعنا عن العديد من المعلمين والمعلمات الذين يتون من كل حدب وصوب بغية أداء رسالتهم. فيستحسن إيجاد خارطة طريق للعمل بها خلال السنوات القادمة. إن ملف التعليم من أصعب الملفات نظرًا لتشبه وتراكبه مع ملفات آخرى كما أن التعليم يعد الجذر والأساس لبناء أي حضارة ناجحة على مر التاريخ وسنفعل بإذن الله تعالى. فليس ما سبق تقديمه سوى بقعة ضوء لترشدنا إلى السبيل والمراد.