خالد الربيعان
حسناً هذه المرة سأمشي معك في الخيال، بفرض أن طفل الكرة العالمية المدلَّل «مبابي» -أو توأمه «نيمار»-: قد حصل على دوري الأبطال بعد فوز لم يحدث في الحقيقة أمام البايرن، وفاز بالكرة الذهبية بعدها.. هل هو اعتراف بالأفضلية؟.. هل ذلك يجعلك، فلنترك يجعلك، هل ذلك يجعلني: أكمل مباراة كاملة له أو لزملائه في الدوري الفرنسي؟.. بالتأكيد إجابتك قبل إجابتي هي الـ»لا» الصارمة الجازمة معاً!
دعك من الدوري الفرنسي: السنوات الأخيرة باعتراف الكثيرين: مشاهدة مباراة كاملة لمدة ساعة ونصف الساعة بدون مساعدة من هاتفك والتجول والشرود داخل بحار التويتر والسناب: هو شيء صعب الحدوث، لماذا نقول هذا: لأن العملية ليست في البطولة نفسها ولا في الألقاب ومن كدَّس الكؤوس: بل بقيمة.. واحدة.. فقط.. هي «كل شيء «.. نشدد عليها دائماً.. « الجمال»..
العملية ليست بالبطولة نفسها بل بالقيمة الجمالية.. تريد دليلاً.. اترك قهوة صباح كل خميس كما تعودنا، التقط قلماً وورقة أو أكتب على هاتفك هذه الأسماء التي «لم تفُز بدوري الأبطال أبداً»، ولم تحمل ذلك الكأس وسجلاتهم خالية منه!.. تأمل فيها قليلاً: الحارس الأسطوري جان لويجي بوفون، الكابيتانو فابيو كانافارو، عمدة روما فرانشيسكو توتِّي، مدفعجي فلورنسا: جابرييل باتيستوتا، الفذ روبرتو باجيو، الفنان المجنون إيريك كانتونا، (زلاتان إبراهيموفيتش)!.. لا تترك القلم قبل هذين الاسمين.. رونالدو نازاريو.. دييجو مارادونا!
إذن لتذهب الكؤوس إلى أبعد جحيم وحدِّثني عن الجمالية.. اجعلني ملتصقاً في مقعدي بالقوة.. اجعلني المعلق لا يضطر لتصديع رؤسنا كما يفعل المعظم بكلام خارج المباراة لانها شديدة الملل.. لاحظ ذلك من المباراة القادمة: ستجد المعلق مهما كانت ضخامة طرفي المباراة: يترك مجرياتها ويتكلم في تاريخ الفريقين ومن ارتدى هذا الرقم من قبل ثم تزوج مَن، وكم طفل رُزِق!
مجريات المباريات في السنوات الأخيرة.. التي تكون الكرة فيها أغلب الوقت في الهواء، مترددة بين الرؤوس والأقدام وخطوط التماس وصافرات الحكم المتكررة و»الفار» الذي قتل حتى متعة اللاعب في الاحتفال وفرحة الجمهور، وأجَّلها اعتماداً على من يجلس في غرفة الفيديو «يتقهوى» ويلعب بأعصاب الجميع.. ليعود احتفال اللاعب والجمهور مرة أخرى بشكل مفتعل يشوبه حزن وخوف كانا على موعد ثم اختفيا فجأة!
لمَ نقول كل ذلك، لأنني كنت ضد وبشدة، ومازلت ضد ظاهرة تضخم أسماء أنصاف المواهب بفعل السوشيال ميديا، ظاهرة كتبنا عنها من قبل كثيراً، «النيمار والمبابي والبوجبا والقائمة تطول»، هذه الظواهر التي نتجت من تسويق إلكتروني قبل أن يكون تسويقا رياضيا، بدلاً من أن يكونا معاً بالتوازي، هل الأمر مهم؟ جداً.. لأن ذلك التسويق وراءه «شركات تسويق اللاعبين» أو الـAgencies..
تلك قصة بمفردها، تتكلم عن اقتصاد - الظاهر لنا فقط منه - يساوي: أكثر من 10 مليارات دولار قيمة عقود، هذه الشركات لا يهمها أنا ولا أنت ولا بهذا المعنى التي نتكلم عنه، بل بشيء واحد فقط: «قيمة العمولة» التي هي «كل» الدافع والسبب لظاهرة.. «الأشهر والأغلى».. والذي يسقط بالملعب باكياً 17 ألف مرة.
أرقام
ستيلر فوتبول الإنجليزية الأولى بقيمة مليار يورو، أهم لاعبيها «ساؤل نيجيز» - قيمة سوقية 70 مليون يورو، ويزرمان الأمريكية ثانياً، أهم لاعبيها «فيدريكو فالفيردي» -هل تعرفه؟- قيمة سوقية 54 مليونا، الثالثة جيستفوت البرتغالية لـ»مينديز»، 840 مليون يورو، أهم لاعبيها «برناردو سيلفا» -!- قيمة سوقية 80 مليون وعقد أخير للسيتي بـ50 ملايين، مينو رايولا بمفرده في المركز الرابع، قائمته بها ماركو فيراتي الذي نزل بنهائي الأبطال الأخير -هل شعرت به-، ثم بالطبع بول بوجبا صاحب الرقم القياسي 105 ملايين يورو، سقف الانتقالات العالمي هو المؤثر الأول في أسعار اللاعبين بالدوريات العربية ودورينا منهم، دعني أذكرك بأن قيم العقود والمستحقات مثلت 70 % من ديون الأندية السعودية التي بلغت مليار ريال، وكانت وراء «كل» قضايا الأندية السعودية لدى الفيفا «2020!»، التي نتج عنها التهديد بمنع التعاقدات، ثم التغييب عن البطولة الآسيوية.. حسب بيان الاتحاد الآسيوي «AFC».. الأخير.