«الجزيرة» - وكالات:
في محطة مدينة ياماتو، التي تقع على مشارف العاصمة اليابانية طوكيو، قد يسترعي انتباه الركاب عند النزول من القطار بضع لافتات من القماش الأبيض، ترفرف أمام المحطة.
وقد وُضعت هذه اللافتات للتنبيه بسياسة جديدة تطبقها المدينة، باتت محط أنظار العالم. وتقضي هذه السياسة بمنع المشاة من استخدام هواتفهم الذكية أثناء السير.
وقد أعلن المسؤولون بالمدينة أن هذه المبادرة أصبحت ضرورة ملحة، ويتوقعون أن تنجح في القضاء على ظاهرة استخدام الهواتف أثناء السير على الأقدام، رغم عدم وجود تدابير فعلية تكفل التزام السكان بها.
لكن الكثير من المدن حول العالم الآن تخوض معارك لحث الناس على عدم الانشغال بهواتفهم أثناء تجولهم في الطرقات تجنبًا للحوادث، فلماذا تتوقع مدينة ياماتو أن تنجح هذه السياسة في تغيير سلوكيات السكان؟
وانتشرت في اليابان ظاهرة استخدام الهواتف أثناء المشي، إلى درجة أن اليابانيين صاغوا مصطلحًا جديدًا يترجم إلى «التحديق في الهواتف الذكية أثناء السير»؛ لوصف أولئك المارة الذين يسيرون بخطوات متثاقلة، وبرؤوس محنية، وعيون شاخصة نحو شاشات هواتفهم. ولعل هذا المصطلح يعني ضمنيًّا «زومبي الهواتف المحمولة».
وفي شهر يناير الماضي أجرت المدينة دراسة في موقعين، وخلصت إلى أن 12 في المئة من سكان المدينة البالغ عددهم 6,000 نسمة يستخدمون هواتفهم أثناء سيرهم على الأقدام. ويصف ساتورو أوخي، عمدة المدينة الذي قاد الجهود لوضع السياسة الجديدة، هذا السلوك بأنه «خطير».
ومن الواضح أيضًا أن المواطنين اليابانيين يعون مخاطر استخدام الهواتف المحمولة أثناء السير؛ فعندما أُجري استطلاع للرأي، شمل 562 مستخدمًا للهواتف المحمولة في اليابان، ذكر 96.6 في المئة من المشاركين أنهم يدركون هذه المخاطر. وذكر 13.2 في المئة منهم أنهم تعرضوا لحوادث طرق بسبب مستخدمي الهواتف المحمولة أثناء السير.
وتقول أستوكو ناباتا، الموظفة الستينية التي تعيش في طوكيو، وتذهب لعملها يوميًّا بالدراجة، إنها تؤيد القانون بشدة.
وتتفادى ناباتا المشاة الذين يحدقون في هواتفهم أثناء السير منذ أن اصطدمت بأحدهم بينما كانت في طريقها للعمل على دراجتها. وتقول: «إذا صادفت شخصًا يحدق في هاتفه، ويتجه صوبي، أوقف دراجتي، وأنتظر حتى ينتبه ويراني. وإذا أوشكت على الاصطدام بشخص منشغل بهاتفه لا أعتذر له، رغم أنني تتملكني الرغبة حينها في أن أصيح في وجهه».
وعن عدم وجود عقوبات ملموسة بحق مخالفي هذا القانون يقول ناوتا سوزوكي، المحامي بمؤسسة ناكامورا للمحاماة: «إن بعض القوانين سارية المفعول رغم أنها لا تنص على عقوبات». وقد ينبع التزام الناس بهذه القوانين غير الملزمة من حرصهم على مشاعر الآخرين حتى لا يكونوا - بحسب المصطلح الياباني «ميواكو» - «مصدرًا للإزعاج».