فضل بن سعد البوعينين
نعترف ابتداءً أن التعدي على الأراضي الحكومية والشواطئ أمر منتشر وملاحظ في جميع مناطق المملكة. وهو وإن اختلفت أدواته وأساليبه؛ إلا أنه يبدأ بوضع اليد على العين المستهدفة، ثم الإحياء المخالف للنظام، ثم التقدم بطلب حجة استحكام تحت ذريعة الإحياء، ثم تحويل حجة الاستحكام إلى صك شرعي يُمَكِن المتعدين من التصرف بها. بعض صور التعديات التي استقطعت بموجبها الأراضي الحكومية، من حدائق وخدمات، إضافة إلى الأراضي الساحلية، تتم بنظام تطبيق المنح بعد تسهيلات خاصة تُقدم لهم من بعض البلديات والأمانات. أما تعديات المنفعة دون التملك، فأمرها غريب وعجيب، خاصة إذا ما دخلت جهة حكومية في تقاضي مع أحد المتعدين على الأراضي الحكومية من أجل افتكاكها من المتعدين عليها، دون أن تتمكن من إحقاق الحق الأبلج؛ وهي لعمري ثالثة الأثافي!، حيث تأخذ القضية أعواماً عديدة يتضرر منها العامة ويستفيد منها المتعدون على الأراضي الحكومية. فهل يحتاج التعدي على الأراضي الحكومية أو الشواطئ الساحلية لرفع قضايا من أجل إزالتها طالما أنها مخالفة للأنظمة ؟!، فما بني على باطل فهو باطل بالتبعية. والأمثلة على ذلك كثيرة أذكر منها تملك ساحل الجبيل الشرقي (الكورنيش)، والجنوبي (زوير) وحرمان المواطنين منها، وتعطيل مشروعات التنمية والتطوير؛ برغم صدور التوجيهات العليا بمنع التملك الخاص على الشواطئ؛ أو البناء عليها والتي يفترض أن تنقض وتُهمش صكوك الملكية التي تم استصدارها خلال الأعوام الماضية. وفي الجبيل أيضاً، هناك تعدي على الشاطئ الشرقي والبحر من قبل مجمع سكني خاص نجح ملاكه حتى الآن في تحدي الأنظمة الصريحة. وأغرب من ذلك الجرأة بتسوير جزء من الشاطئ وحجبه عن العامة.
ثقافة التعديات على الأراضي الحكومية والسواحل لدى بعض المسؤولين والمتنفذين ربما برزت بشكل جلي في المناطق المستهدفة بالتنمية والتطوير والمشروعات الكبرى، لذا لم يكن مستغرباً الإعلان عن وقف أكثر من 5 آلاف تعدٍ إضافة إلى تجاوزات في العشوائيات والمخيمات غير المرخصة طالت ثلاثة من أضخم المشاريع السياحية في السعودية، وهي الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وشركة البحر الأحمر، وشركة تطوير السودة؛ غير أن اللافت في هذه القضية على وجه الخصوص، هو الأمر الملكي الكريم، الذي تعامل معها بحزم، واستخلص الأراضي الحكومية من المتعدين عليها، وأنهى خدماتهم مع إحالتهم للتحقيق.
«لا حصانة لفاسد»، شعار الحملة الوطنية العليا على الفساد، والتي تفاجئنا يوماً بعد آخر بنوعية المسؤولين الذين يطالهم سيف العدالة دون تمييز، وحجم الأموال والأراضي الحكومية المستردة. عطل الفساد والمفسدون، والتعديات، التنمية الحكومية وتسبب في تشوه المخرجات، وشح الأراضي المخصصة للخدمات العامة والإسكان، وشرعن عمليات تملك الشواطئ وحرمان العامة منها، وأحسب أن باب المحاسبة فتح على مصراعيه، بأمر الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، اللذين أطلقا يد الإصلاح للاقتصاص من أذرع الفساد ومواجهة الفاسدين بعدالة، وحزم، وشفافية مطلقة.
التعديات على أراضي الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وشركة البحر الأحمر، وشركة تطوير السودة مؤشر على حجم وانتشار التعديات الأخرى في مناطق المملكة وبخاصة التعديات على السواحل والأراضي الحكومية والبراري المفتوحة ما يتطلب توسيع دائرة المتابعة والمحاسبة، في جميع مناطق المملكة ومطالبة لجان التعديات، والأمانات والبلديات، بتنفيذ الأنظمة وإزالة جميع التعديات على وجه السرعة، وبخاصة تعديات السواحل المخالفة للأنظمة، وعدم التهاون مع المتجاوزين الذين تسببوا في تعطيل التنمية والإضرار بالوطن والمواطنين.