د.عبدالعزيز الجار الله
استنفذت قطر كل جهودها وحلولها في جعل محطة الجزيرة متألقة وفِي صدارة القنوات الفضائية في دعم الربيع والثورات العربية منذ عام 2010م، وكانت الحكومة والقيادات السياسية في قطر تتحدث بفخر عن قناة الجزيرة بصفتها تقود التحرر في الوطن العربي، وتفتخر الحكومة القطرية أنها تمول المحطة بميزانيات مفتوحة، كان آخرها تسريب كشف رواتب العاملين بالمحطة من أجل الضغط على الإعلاميين العرب للانقلاب على محطاتهم، والتأثير على العاملين في الإنترنت الخليجية والعربية في التصغير من دخولاتهم، والاتجاه إلى حرب الرواتب والمكافآت بين المؤسسات والشركات الإعلامية العربية بينها، وبين الحكومات.
لكن الذي حدث وما كانت تقود إليه خريطة ومسارات الإعلام العالمي بعد عام 2010م من الاتجاه إلى الإعلام الجديد الشخصي التفاعلي والجماعي والمؤسساتي الحكومي مثل الجزيرة التي تعمل تحت أكثر من غطاء حكومي ودولي وخاص وحتى شخصي للعاملين من داخل القناة نفسها، فقد حدث انحسار في عدد المشاهدين للقنوات، والانتقال إلى إعلام الجوال والإنترنت بدل التلفزيونات التي تفرض المكان والشاشة الكبيرة والوقت وطريقة العرض، كما تفرض الرأي ونمط وسياسة المحطة الوحيدة، بعد أن أصبح تعدد الآراء والعارضين والمقدمين مشاعاً، وأصبح الإنترنت بتطوراته السريعة والتقنية العالية والجودة هي الجاذب الحقيقي للجمهور، واستمرت الجزيرة تدفع المليارات بلا جمهور ولا متابعين أو أي نتائج، فكل ساعة يتناقص عدد المتابعين، فالجزيرة تحولت إلى محطة تتكلم مع نفسها وتبث لمشغليها، وهي فقط محطة خيرية رعوية وباب رزق للفنيين والمراسلين والإداريين في القناة.
لذا اتجه العاملون في المحطة من هم في الصف الأول من القيادة المهنية إلى المشاكسات في الإنترنت على أمل جذب الجمهور للمحطة بشكل استجداء مكشوف ورخيص، وأيضاً لإقناع إدارة القناة التي تعيش أسوأ أيامها مطابقة للمثل الشامي الدارج (ما أكلته بيض طلعه فراريج)، إلى تسويق وهم الانتشار والردود والمتابعين، يضاف إلى الخسارة الفنية والتقنية والإعلامية المهنية خسارة سياسية وإدارية بين المتصارعين في قطر بين أحزاب الحمدين وانقسامهما، والإخوان وعزمي، وجماعات المرتزقة، وفشل المشروع الإيراني والتركي جعل محطة الجزيرة وقطر في مرقص كثيف الأجساد والأكتاف لكن لا تجد من يراقصها.
وبهذه الصورة فشل مشروع الجزيرة مع ما تقول منصاتها بسبب تقنية الإنترنت والصراعات القطرية الداخلية، وفشل مشروع إيران.