رمضان جريدي العنزي
للشياطين أفخاخ ومطبات، وسبخ وحفر، يبحثون عن المغفلين والسذج وأصحاب التفكير السطحي الواهن الهش؛ ليوقعوهم فيها دون هوادة ولا رحمة. الشياطين تجيد الزيف والخداع والحيل، وتتقن الكيد والمكيدة، وترسم مشاريع الخراب، وتبحث دائمًا عن ضعاف الإيمان والإنسانية والمروءة، وتسارع بإمدادهم بالأفكار الجهنمية السوداء. تجهز لهم المستنقع، وتحدرهم نحو الإثم، وتأخذهم نحو المتاهات، ومنحنيات التشرد، ودروب الضياع. أعمال الشياطين محمومة مع هذه النوعية من البشر، تأخذهم بسهولة من خندق الإيمان إلى خندق العصيان، ومن أعمال البر، إلى أعمال البهتان، ومن السلام إلى الجريمة، وتجعل أرواحهم مسكونة بأبشع العُقد النفسية، كاللؤم والحقد والحسد، وتجعل صدورهم كامنة بالشر والانتقام، يصطفون مع الشياطين بانقياد تام، وينخرطون في مشاريعهم العدائية الآثمة، حتى يصبحوا مفلسين، بعد أن خانوا المبادئ، وداسوا على القيم، ولم يبالوا بالعار والنار. الشياطين دائمًا تأخذ هذه النوعية من البشر نحو منحدرات الجشع والطمع والغش والزيف والجريمة والرداءة والسفالة، ويجعلونهم يسهمون في البذاءة حتى يبوءوا بالإثم المبين. إن الذين ينزلقون مع الشياطين بالتأكيد يملكون خواء روحيًّا وأخلاقيًّا، ضمائرهم ميتة، ومبادئهم رديئة، وقيمهم بائسة، يجترحون المآثم والمظالم، وعندهم قسوة، ولا يتورعون عن فعل المعاصي والذنوب، وارتكاب الفساد والخيانة، عندهم خبث ذات، وسوء طوية، واصطناع مكر وحيل نتيجة دفع الشياطين لهم، وإغوائهم، وتزيين الأشياء الرديئة لهم وتجميلها. إن الذين لا ينقادون مع الشياطين لهم نقاء وطهر وبياض وعلو وسمو، عكس المنقادين معهم لهم سواد وبؤس وسوء وانحدار. إن الشياطين لهم قدرة فائقة على جعل الإنسان يهوى الشهوات المدمرة، والجرائم السيئة، وقطع الأرحام، والعبث بين الناس، والهمز واللمز، وإشاعة البغضاء، والولوغ بالحرام، ويبعدونه عن الوعي، وكبح لجام النفس، ويهيئون له كامل المغريات حتى يسقطوه في شباكهم اللعينة، وتغلب حيوانيته إنسانيته. من هنا جاء وجوب التعوذ من الشياطين في كل لحظة وحين، حتى تهدأ النفس، وتستكين، ويعمَّها الطمأنينة والسلام. إن البشرية عمومًا مبتلاة بالشياطين الذين يضمرون لها الشر والسوء، الذين لا يتورعون عن تزيين الدنايا، وتجميل الرداءة والحرام. إن الإنسان الذي ينجر مع الشياطين يركل بعدها كل المبادئ الإنسانية والأخلاقية وضوابط الحياة الويمة، ويصبح عاريًا إلا من شهواته الخاسرة. إن الشياطين يزينون ويسوفون ويلبسون ويهونون المعاصي، وييئسون ويغررون بالإنسان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} (سورة النور: 21)، وقال تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (سورة الحشر: 16). أعاذنا الله من الشياطين، وحمانا منهم، وأبعدهم عنا، وهيَّأ لنا من أمرنا رشدًا.
** **
ramadanalanezi@hotmail.com
@ramadanjready