الذكريات، واللحظات العذبة، ذكرها سياحة، ساعاتها لا تنسى، أمكنتها تفاصيلها عالقة بالذاكرة، عطر فواح معتق تزيد جودة رائحته بمرور الزمن.
ما أجملها من فترة! إنها أيام الدراسة الجامعية. عنفوان شباب، وتدفق طموحات، وأمنيات، ورغبة جياشة في طلب العلم وتحصيله.
كانت المرحلة الثانوية تعد شبحا مخيفا، وسيلاً جارفاً من يعبره قليل، وكثير من صارعه فغلبه، كرر التجربة، أو رجع خائفاً ولم يعقب. الحمد لله أنا ممن عبروه بسلام، مع ثلة قليلة من دفعتي.
كانت وجهتي شطر بكة المكرمة، وقع الاختيار على جامعة أم القرى، فحظيت بشرفي الزمان والمكان. عند ذهابي أنا وأحد زملاء دفعتي، والصاحب بالجنب من قريتي عينها؛ لاستلام جداولنا الدراسية من عمادة القبول والتسجيل، لمحت اسم علق في الذاكرة، كيف لا؟! وهو الناجح الوحيد من مدرسته، كانت حروف اسمه تتراقص أمام عيني فخورة حبورة، نشوة انتصار، وشموخ في دلال. دنوت منه، وهمست في أذنيه، أأنت صاحب الجائزة؟! فتبسم ضاحكاً، نعم، لكن كيف عرفت؟! رغم أنني لم أرك من قبل؟
قلت له: لأنك الوحيد الناجح من مدرستك. لقد ارتقيت سلم المجد، وسيبقى اسمك محفوراً بذاكرة كل من قرأ نتائج الثانوية العامة بتلك السنة. ما شاء الله تبارك الله.
ومن تلك اللحظة رافقنا إلى مقر سكننا، ورغب في السكن معنا فوافقنا دون تردد. «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف..»
وأرواحنا تعارفت فتآلفت.
وقضينا فترة دراستنا الجامعية في تناغم وانسجام، تحفه الأخوة، وتكتنفه مبادئ النخوة والمروءة، وكل محاسن القيم الجميلة المأطرة بتعاليم ديننا الحنيف، ومعايير الأعراف المجتمعية النقية.
ما أجملك أيتها الدراسة الجامعية!!
** **
- تعليم منطقة مكة