جاءت هذه الجائحة العالمية لتكشف خطوطًا دقيقة في حياة هذا الكوكب حيث الكل واجه حربًا (صحية) أمام فيروس خفي لديه فرط بالحركة والانتشار.. فكانت المواجهة شرسة ومكلفة ومتعبة، لذا كان العالم في سباق (ماراثوني) صحي لحماية الإنسان.. وهنا كتب لكل دولة حكاية ورواية سيدونها التاريخ لاحقًا لتروي للأجيال سلبًا أو إيجابًا.
دهشت عيوننا وهي تشاهد (مقاطع) لدفن الموتى بأعداد كبيرة.. وقرأنا لغة أرقام صادمة حملت لنا شيئًا من القلق.. لا سيما أنها في دول سبقتنا علمًا وطبًا وبحثًا واكتشافًا.. لكن لم تصمد، وحققت إخفاقًا بالمقياس العالمي لأنها لم تبادر وتتدخل سريعًا لكبح جماح هذا الفيروس والبعض منهم كان يشيد بتجربتنا الفريدة ويدعو حكومته للعمل بها. ففي بلادنا كان الوضع مختلفًا فالتعامل بواقعية وجدية هو شعار الحكومة الرشيدة.. فسخرت جميع الإمكانات الصحية والأمنية وقبل هذا المالية (بلا حدود) لمواجهة هذا (الوباء) فبدأت بالفحص المبكر وتأمين مقرات خاصة راقية وفنادق نموذجية موفرة فيها ظروف الحياة الكريمة والرعاية المتميزة لكل من أصيب أو يشتبه في إصابته بغرض عزله عن عدوى الآخرين.. ناهيك عن محاجر للقادمين وأوقفت جميع ما يتسبب في الاختلاط والتقارب الجسدي قائلة: أبنائي أحبكم كثيرًا فأنتم في القلب.. أرجوكم التزموا بالتعليمات والشروط الصحية وتباعدوا اليوم.. لتجتمعوا غدًا آمنين مطمئنين. حكومة لم تنس أبناءها في الخارج فكانوا في بؤرة العين حاضرين فبادرت إلى إطلاق جسر جوي أدهش الجميع (وليس بغريب) لتأمين عودتهم إلى حضن الوطن.. بعد أن كانوا برعايتها هناك بكل راحة واطمئنان ورغد عيش وحياة كريمة.. فكانت فرحة لا توصف سجدوا سجدة الشكر في عناق التراب الطاهر.. فرحة أدخلت السرور على أسرهم وذويهم.. رافعين أيديهم بالدعاء أن يحفظ ملكهم وولي عهده ويكتب لهم الأجر والمثوبة.
إن اليد الكريمة في الداخل التي شملت حتى المقيمين على أرضها لم تنس من حولها وإخوة لها في الجوار والعروبة والإنسانية.. فهناك يدٌ أخرى (فزاعة) امتد ذراعها إلى خارج الحدود لتكفكف دموعًا وتمسح فاقةً وعوزًا لأشقاء وأصدقاء هنا وهناك لا تريد جزاءً ولا شكورًا إلا من رب السماوات.
فنحن أبناءها نرفع لها الراية حبًا وتقديرًا فهي كيان يمارس ويعلم ثقافة الكرم والعطاء والوفاء.. فكلنا فخرًا أننا نحمل (الهوية) السعودية وعلينا أن نكون عونًا لها في السراء والضراء حريصين على أمنها وسلامتها وخير سفراء لها في كل زمان ومكان.. دمت لنا أمًا حنونة ودمنا لكي أبناءً بررة.