منذ القدم وكلمة الأخلاق هي مثار آراء وتعريفات مختلفة حتى وقتنا الحاضر، تناولها العديد من الفلاسفة في مقدمتهم سقراط وأرسطو وغيرهم لما لها من أثر في حياتنا نحن البشر فهي بحق المعيار الحقيقي لشخصية الفرد من خلال قوله وسلوكه وعلاقاته داخل المجتمع أو البيئة التي يعيش فيها.
ولنسلط الضوء على جزء مهم من هذه الأخلاق التي ترتبط بالعمل بشكل عام وأثرها في الالتزام بنظامه بدقة من قبل العاملين الذين تتصف أخلاقهم بدرجة كبيرة من الاحترام والتقدير والشعور بالمسؤولية، لهذا نجد أن عملهم يحقق نتائج مبهرة في الإنتاجية تشد الفكر، وسوف نشير هنا إلى جذور هذه الأخلاق ومنبعها التي تناولها بعض المفكرين من أمثال صامويل هنتنجتون المفكر المحافظ في جامعة هارفارد في كتابه (الثقافات وقيم التقدم) عندما ذكر أن اليابان خصصت حصة كبيرة من وقت التعليم لدراسة الأخلاق في المدارس تتضمن مما ذكر في أحد الكتب المدرسية عام 1930: وهو أن أيسر السبل لكي يمارس المرء عمليا نزعته الوطنية أن يلتزم ضبط وتنظيم النفس في حياته اليومية، وأن يساعد على توفير النظام في أسرته، وأن يلتزم بمسئوليته كاملة في أداء عمله وكذلك أن يدخر ويقتصد ولا يسرف ويبدد) يقول لقد أسهمت هذه الأخلاق في تحقيق المعجزة اليابانية ويعزوها إلى أنها مستمدة من الأخلاق البروتستانتية التي تحدث عنها العالم ماكس فيبر.
وتطرق إلى أن هناك دولا تسعى في تطبيق هذا النموذج الذي كان مفقودا في التعليم لديها ومن تلك الدول بيرو التي أسست عام 1990 معهد التنمية البشرية للنهوض بوصايا العشر للتطوير وهي النظام، النظافة، الدقة، المسئولية، الإنجاز، الاستقامة، احترام حقوق الآخرين، احترام القانون، أخلاقيات العمل، الادخار.
وأشار إلى أن نيكاراجوا حذت حذو بيرو في تبني هذه الوصايا عندما أدرجها وزير التعليم لبرنامجه للإصلاح التعليمي.
أتمنى أن أرى هذه الأخلاقيات وخاصة أخلاقيات العمل في واقعنا التعليمي وعلى نحو مكثف وليس على نطاق محدود وضيق أننا في ديننا نملك توجيها راقيا قبل 1400 سنة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) وإن كان معناه يقتصر على العبادة إلا أنه يعتبر أساسا في التوجيه نحو الإتقان كافة في شئون حياة المسلم عامة.