بكري عساس
نحن في عصر أصبح فيه الخطاب الدعوي بحاجة ماسة لكثير من التدقيق والتحقيق، وكثير من العناية والرعاية، فقد أصبحت الكلمة الخاطئة ينطق بها داعية تتردد في الآفاق فترتد سلباً على الدعوة والدعاة، وغدت الفتوى المتعجلة تزل من فم العالم فتتلقفها وسائل الإعلام فيضل بها أقوام، ويسخر بها آخرون، والضحية مكانة العالم، ومنزلة العلم الشرعي.
وما أظنه مر على الدعاة عصر أشق عليهم من هذا العصر، فقد تداخلت فيه المفاهيم، واشتبكت الآراء، وزاحمتهم على عقول الناس مذاهب وفرق وقنوات وإذاعات وشبكات اجتماعية أصبحت تصنع الرأي العام، وتكون العقل الجمعي، وبات لزاماً على الداعية أن يعي هذا كله، ويتعامل معه بالحذر الواجب، والحيطة الضرورية.
فلذلك باتت (صناعة الداعية) اليوم صناعة حقيقة بالاهتمام، حرية بالعناية، وينبغي أن ينتدب لها كبار العلماء والدعاة، وتعقد لها المؤتمرات التي تجمع شتات التخصصات، وتعد لأجلها الدراسات النظرية والتطبيقية والميدانية، من أجل (صياغة) و(صناعة) داعية يليق بهذا العصر، ويحسن أداء رسالة (الشهادة) التي كلفت بها هذه الأمة: (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً).
ومما يزيد العبء على إخواني الدعاة ما يتعرض له المسلمون اليوم من تغول أفكار منحرفة، وانتشار مذاهب باطلة، ويستوجب دفع ذلك دراية ورواية، ودربة على الحوار والنقاش، ودفع الحجة بالحجة، وإسقاط الباطل ببرهان الحق، بعيداً عن العنف والقلاقل والفتن.
ولقد بذلت هذه البلاد المباركة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان جهوداً مباركة في تخريج وإعداد دعاة الإسلام عبر جامعاتها ومعاهدها، المنتشرة في ربوع الوطن ويعد هذا الأمر رسالة وواجباً على بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية نحو أبناء العالم الإسلامي أجمع فهنيئاً لبلادنا المباركة هذا الأجر المضاعف والثواب العميم.