أوصاف الفارس
كنت في مناسبة اجتماعية، وكحال جميع مناسباتنا في الغالب يكون هناك بعض الأهازيج التي تعبر عن الفرح ويقوم الفتيات بالرقص على أنغامها، وفي منتصف الحفل وفجأة أسمع أصوات صراخ تتعالى، فإذا بفتاة لم تتجاوز السادسة عشرة وأمامها امرأة تقوم بتوبيخها لأنها برأيها ترقص ولباسها غير محتشم، كانت الفتاة في غاية الحرج بعدما أصبحت محط أنظار الحضور، وأخذت لنفسها زاوية وأجهشت بالبكاء، بينما بقيت المرأة المتسببة في ذلك تردد وتقول (ما عاد في حياء ولا عاد في دين)، هل هكذا تكون النصيحة؟ وهل هكذا علمنا الدين؟
أحيانا النصيحة تكون أكبر سبب لزيادة المشكلة خصوصا عندما يكون الناصح لا يجيد تقديم النصيحة وفي الأغلب يؤدي ذلك إلى غضب المخطئ خاصة إذا قدم له تلك النصيحة في مكان عام وأمام الجميع.
النصيحة فن لا يتقنه الكثيرون، أحيانا الكلام يكون أشد من السيف في أثره، رفقا بالقلوب لا تجرحوا أحدا في سبيل النصح فإن ذلك سيكون أثره عكسيا.
أي كلام موجه لأحد أمام جماعة من الناس صار فضيحة، لأن النصيحة يجب ألا تخرج عن نطاق اثنين فقط وهذه من أهم فنون النصيحة.
ويقول الإمام الشافعي -رحمه الله-
تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي
وجنِّبني النصيحةَ في الجماعهْ
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ
من التوبيخِ لا أرضى استماعه
وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي
فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَه
وأيضا يجب أن تتحين الوقت المناسب للنصح فليست كل الأوقات متاحة لك، فلربما باختيارك للوقت الخاطئ تتسبب في مشكلة أكبر، اقترح حلولا للشخص الذي تنصحه وكن لينا في كلامك، وحاول أن تنصت له باهتمام بالغ إذا ما حاول الرد على نصيحتك استخدم الكلمة والجملة المناسبة، وكن ذكيا في تقديمك للنصيحة، وتخير الكلمات المناسبة، والتشبيه المناسب بالمختصر، حبب ورغب ولا تنفر.