خالد الربيعان
المؤشرات كانت تدل على أن هناك شيئًا كبيرًا سيحدث.. هزة كبيرة.. زلزال بمعنى أدق.. ليس لقوة الفريق البافاري الذي فاز هذا الموسم بالأربعة على تشيلسي، ومثلها على ليفركوزن وفولفسبورج، وبالستة على هوفنهايم وبريمن، وبالسبعة على توتنهام في قلب لندن! بل للثقة الشديدة لأنصار الطرف الثاني، وفي المقدمات الأسطورية والإحصائيات لميسي والفرق الإسبانية في دوري الأبطال، والإعادات الكثيرة لسقطة بواتينج الشهيرة والصعبة -للأمانة- أمام ميسي، وتفاخر الإدارة الكتالونية منذ بداية الموسم بـ«أكبر ميزانية لنادٍ في التاريخ»! مليار و47 مليون يورو، انتهت منذ أيام بتقرير فيه أن المصروفات كانت مليارًا و7 ملايين! مع خسارة 18 مليونًا في بند البث التلفزيوني، وأخيرًا أرباح بعد الضرائب 11 مليون يورو فقط. إدارة مركز للشباب وليس لمؤسسة يقال عنها: Més que un clubأو «ليس مجرد نادٍ». هذا عما خلف الكواليس الذي أكد أن هناك شيئًا ما سيحدث داخل الملعب، يعكس الفشل خارجه: أصبحت المرة الأولى التي لا يوجَد فيها في قبل النهائي أي نادٍ إسباني منذ 20 سنة، أي قبل بداية دوري الأبطال بهويتها الجديدة التي تولت تسويقها شركة متخصصة، أبدعت في عمل شعارها التجاري، ونشيدها الشهير الذي أصبح بمنزلة السلام الوطني مع دخول المتنافسين لأرض الملعب.
على الورق كان برشلونة هو الأقوى والأغلى بزيادة قدرها 62 مليون يورو. بعد مرور 4 دقائق شاهدنا شباك البلوجرانا تهتز بأقدام التوماس مولر. في الدقيقة الـ20 الكرواتي بيرسيتش تصيبه العدوى، ويسجل. 6 دقائق أخرى وقذيفة من نصف الإيفواري نصف الألماني «جنابري». 4 دقائق أخرى يختتم المولر الشوط برباعية ألمانية مع هدف كتالوني بأقدام ألمانية أيضًا!
الشوط الثاني المدافع كيميتش يقول لِمَ لا؛ فيسجل، يغار منه المهاجم ليفاندوفسكي فيسجل، ينزل كوتينهو بديلاً لجنابري ويجد الدفاعات الكتالونية تستعطفه فيرفض ويسجل هدفَين. تنتهي حقبة في التاريخ الكتالوني بثمانية لم يشهد مثلها النادي منذ 1945!
تكلمنا كثيرًا عن الجرينتا، أو النيران التي لا تنطفئ في قلوب بعض الرجال. مصطلح إيطالي، وله أمثلة، منها مالديني وتومازي وماتيرازي وباريزي وجاتوزو، وبالطبع بوفون. ما لفت نظري هو «ميسي» باعتباره القائد والأسطورة. انعدام تأثير بشكل لافت، يتعامل كما الجميع، كأنه ناشئ جديد، لا يعرف ماذا يفعل، وهو الذي له صولات وجولات على الملاعب الأوروبية. تذكرت كلمات مارادونا عنه. الرجل قام بتدريبه في مونديال 2010، وهو مقرب منه؛ لذلك كانت كلماته شديدة الدقة، إنه لا يصلح لارتداء شارة القيادة؛ توتر المباريات يجعله يذهب لـ»الحمام» 20 مرة، متعلق كثيرًا بالبلايستيشن.
مجرد ملاحظات، لكنها مهمة، خاصة من أسطورة كمارادونا، حمل المنتخب الأرجنتيني على كتفه في نسخة كأس عالم لاعبًا في 86 بمفرده أمام منتخب بلجيكا تقريبًا، وأمام إنجلترا شاهدنا الهدف الأفضل في تاريخ المسابقة. وحمل الكأس الذهبية بعد نهائي صعب أمام ألمانيا. وفي النسخة التالية أيضًا وصل بالمنتخب إلى النهائي للمرة الثانية على التوالي.
مارادونا نال بعد نقده لميسي الكثير من الهجوم وبعض الشتائم! تمرّ السنوات، وتثبت أن الرجل صاحب رؤية ثاقبة، أكدتها تصرفات ميسي نفسه أمام المدفعية الألمانية.
الرحيل
«أريد أن أرحل الآن».. سواء كانت تلك التصريحات صحيحة أم لا، فالرحيل نقلة تاريخية «بالسلب» في ملف أحد أفضل من لمس كرة القدم، وإن هبط النادي للدرجة الثانية فلا ترحل!.. وإلا ماذا نطلق على بقاء بوفون وندفيد ودل بييرو مع يوفنتوس رغم هبوطه للدرجة الثانية حتى عاد. فرانكو باريزي فعل ذلك أيضًا مع ميلان، زلاتان فعلها مع مالمو، وأصبح هداف الدرجة الثانية وصعّدهم للأولى: «الجرينتا»! ثم إن ميسي -في رأيي- يحمل طباع الفنان المجنون غريب الأطوار.. يحتاج للاستقرار في بيئة تضمن استمرار إنتاجيته الفنية.. هذا يفسر أكثر من 15 سنة داخل «البلوجرانا».. عكس آخرين تلزم موهبتهم «عملاً شاقًّا لتنميتها والحفاظ عليها».. مثل رونالدو الذي تضمنت رحلته 5 أندية، وزلاتان إبراهيموفيتش 10 أندية!