لا توجد مهمة أكثر إلحاحاً في الألفية الثالثة من إنتاج معرفة متعمّقة بالاقتصاد السياسي للرأسمالية. هذا المسعى هو بالضبط ما يسعى كتاب أطوار التطور الرأسمالي لمؤلفه روبرت أولبريتن وآخرون إلى المساهمة فيه.
إن تحقيب الرأسمالية مع دراسة أطوار تطورها هو حقل بحث برزت أهميته بروزاً واضحاً ضمن تراث الاقتصاد السياسي على مدى القرن المنصرم، وأصبحت أشكال تحليله معقدة بشكل متزايد.
لذلك فإن ما ينجزه هذا الكتاب هو شيء على درجة عالية من الفرادة؛ لأنه لم يسبق لأي عمل أصيل أن شارك فيه مثل هذا العدد المميز من الباحثين الذين يمثّلون أهم مدارس الاقتصاد السياسي، حيث ينتمون إلى تسعة بلدان (أستراليا، الباهاما، كندا، فرنسا، ألمانيا، هولندا، اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية)، ويمثّلون تشكيلة من الحقول المعرفية الأكاديمية (علم الاقتصاد، الجغرافيا، العلاقات الدولية، العلوم السياسية، وعلم الاجتماع)، ما يجعل هذا الكتاب يحوي جهداً عالمياً متداخل الاختصاصات.
نقطة الانطلاق من النظرية لهذا الكتاب هي الرأي القائل بأن الرأسمالية منذ بدايتها كانت بعيدة عن الشكل الموحّد. ولذلك فإن المفتاح لتحسين فهمنا للرأسمالية هو تحقيق مزيد من استجلاء الأشكال المحددة التي اتخذتها الرأسمالية في الأطوار المتعاقبة من وجودها. إن الأسئلة الحيوية التي يعالجها هذا الكتاب تتعلّق بمسائل منها: كيف ينبغي توصيف حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهل اتسمت بشكل وحيد من التطور الرأسمالي؟ وكيف ساهم الركود الاقتصادي وتدويل رأس المال وعدم الاستقرار المالي في تعريف المرحلة الحالية من التطور الرأسمالي؟ وهل يمثّل الوضع الراهن طوراً جديداً من الرأسمالية، أم مرحلة انتقالية بين طورين رأسماليين؟ وما هي التحولات الأكثر ملاءمة لأجل بناء نظرية الأطوار الرأسمالية؟!
باختصار رغم أن الغرض المباشر لهذا الكتاب هو الحث على النقاش الأكاديمي، بَيْدَ أن من المأمول أن يشتمل الكتاب على تبصرات مفيدة للحركات الاجتماعية والفاعلين في السياسة الاقتصادية. فأية معرفة يمكن أن تكون أكثر حسماً، ونحن في بداية الألفية الثالثة.