يقول جبران خليل جبران (قاتل الجسم مقتولٌ بفعلته.. وقاتل الروح لا تدري به البشرُ).
كم قاتل روح كان قتله على شكل تحطيم أمنيات أو حتى بتمزيق دفتر ذكريات. قاتل الروح له عديد من السمات مثلاً يحترف التقليل من قيمه الأشخاص وطموحهم، بل يتحكم في قرارات الآخرين الشخصية. أما إذا كان له دور مجتمعي فهو سيستخدم سلطته بطريقة غير مشروعة في التدخل في توجهاتك وخياراتك في الحياة. حتى أنه في بعض الأحيان محارب مبدع في قمع الأفكار الجديدة وضد التطوير والتغيير.
قاتل روح هو عالق في البرمجيات القديمة والنظريات السقيمة.
التي لم تعد تعمل الآن لأننا في مكان وزمان مختلفين عن ذلك الزمان الذي ولدت فيه تلك الأفكار.
نظريات فاشلة أثبتت عدم جدواها لأنها تتبع سياسة الخوف والتعلق بفكر معين وحقبة قديمة. أصحاب هذه المنظومة لديهم فوبيا من التغيير والتطوير والتقدم والإبداع.
تعتمد نظرياتهم على مجموعة من المصطلحات مثل (فشله وش يقولون الناس عنا) ونظرية (صعبة احنا مجتمع محافظ) أو منظومة (التقاليد) التي لا تنازل عنها لديهم.
قاتل الروح هو متخفٍ عادة ويلبس عباءة الناصح لكن في الحقيقة هو يريدك أن تعيش مثله في جلباب الخوف وعدم القدرة على الحياة بدون قطيع ويريد مجموعة تعيش معه في هذا البحر من ظلمات أفكاره ومعتقداته ليشعر بالأمان.
هو أيضًا يلبس قناع الناصح والمبادر الذي يريد حمايتك، بل يزعم أنه يريد مساعدتك وينتقدك بصفة دائمة ويتنقد أي تغيير أو فكرة جديدة. غالبًا يعيش في مرحلة الخوف بدرجة وعي وهذه تعد مرحلة وعي جد منخفضة وخطيرة على المجتمع حسب تنصيف ديفيد هاوكنز لدرجات الوعي. ففي سلم هاوكنز درجات الوعي مصنفة من 0 اللاوعي إلى 1000 درجة من التنوير والاستنارة، ويعد هاونكز درجات الوعي الأقل من 200 منخفضة جدًا وطاقتهم مدمرة وغير منتجة وضررهم كبير على من حولهم، علما بأنهم يشكلون ما نسبته 78 % من البشر.
الضرر الأكبر عندما يكون مثلاً مسؤولاً أو مديرًا في منظمة ويريد كامل المؤسسة تعيش درجة وعيه المنخفضة نفسها.
مثلاً يرفض التجديد والتطوير ويتوقع الأسوأ دائمًا.
يعتقد أيضًا أن الجميع ضده فيما يمارس القمع والصوت العالي والقرارات المفاجئة غير المدروسة لأنه يخاف أن يستشير ويخاف أن يتعلم ويطور حتى من مهارته.
يكون في صراع دائم على أن الجميع يريد أن يضره فيبادر بالعقوبات كنوع من حماية خوفه الداخلي.
فهو يرى كل الأحداث والمواقف من زاوية الخوف لذلك لن يسمع الرأي الآخر ولا يعترف بتحديث مساره أو تطوير منشأته وفي كل مرة سيردد أريد المصلحة العامة.
بينما هو في الواقع يقتل جزءًا من روح هذه المنظومة كونه يخاف النور والوضوح.
وستقتل في منظمته كل روح تطويرية بهذا النقد أو عدم التقدير للأشخاص العاملين معه.
إلى متى أنت تسمح لقتلة الأرواح والطموح بالتطفل في حياتك بأن تعطيهم المقود لدفعك إلى الخلف. امسك زمام المبادرة ولا تتراجع ولا تسمح بالمزيد من هذا التطفل.
اصنع حواجز بصبرك واجتهادك وإصرارك. أبني دروعًا من المحبة وجسورًا من السلام. ابتعد عنهم وحاول أن تركز في طريقك الذي رسمت وهدفك الذي تصبو إليه. اجعل طريقك له حواجز من وعيك العالي ودرعًا واقيًا من دعاء وصلوات مباركة. ميز مسارك بأعمدة من أزهار الياسمين البيضاء الصادقة المخلصة واجعل هذا المسار يشع عزيمة وإصرارًا.
بهذه الطريقة عندما يقترب منك أي شخص من قتلة الأرواح بالصفات التي ذكرت أعلاه لن يتحمل هذا النور ولن يستطيع مجاراتك في الشجاعة والإقدام سيبتعد من تلقاء نفسه لأنه لن يكون بمقدوره تسلق حواجز وعيك العالي وسيزعجه هذا الوضوح والنور في مسارك الذي أسسته وبنيته بإدراك عالٍ ومعرفة صلبة وروح مستنيرة.
** **
- محاضر بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن