عبدالعزيز بن سعود المتعب
لطالما كان وميض السعادة العاطفية على مر العصور في حياة الشعراء شجنا يُثير بواعث الذكرى بقدر تجسيد المسببات التي أفضت إليها كمحصلة وأثر في الشعر الشعبي وتحديدًا في أجمل القصائد العاطفية التي توالت عبر مئات وعشرات السنين، فلسان حال تلك القصائد الرقيقة الشفّافة العذبة ربما كان (السعادة لا تؤجل) يقول الشاعر محمد القاضي 1224-1285هـ:
إلى حَصل لك صاحبك وأنت مشتاق
إقطف ثمر مالاق والعمر ملحوق
وكذلك الشاعر محمد بن لعبون1200-1246هـ صوّر بحسه البلاغي ما يميز تصويره المُلم الدقيق في علم المعاني والبيان -فقط- عن المتسوّل وهو ما يبدو لقارىء بيت شعره لأول وهلة في سبيل ما يرمي إليه من معنى بقوله:
كم طرقت البابهم عجلٍ خَجِل
للطوافة وانت ماتبغى السؤال
حيث ألحق ذلك حسرة ذكراه فيما بعد وأنّى له السلوى فقال:
يا سنين اللي مضت مثل الحلوم
كنهن في دار ابن عوّام عام
يوم ميٍّ تحسب الدنيا تدوم
وإن عجّات الصبا دوم الدوام
في نعيمٍ تحسبه لزمٍ لزوم
مثل منزلنا على ديم الخزام
وللإحساس العالي أحكامه العاطفية الخاصة الحالمة التي قد تقف عند حلم لا يتحقق صوّره الشاعر بالوعد الوهمي ولكنه نفيس ولا يُرى إلا بعين المحب ووطأته مع قسوتها أخف من اليأس المُضني من المحبوب كقول الأمير الشاعر عبدالله الفيصل- رحمه الله-:
عطني وعد وأخلف ولا تُودع اليأس
يقضي على نفسي بقطعت رجاها
كما أن تأثير الجمال باعث للسعادة المُشار إليها وإن اختلفت تفاصيلها من شاعر لآخر في توظيف المعنى في القصيدة يقول الأمير الشاعر سعود بن محمد - رحمه الله:
كن وجهك قمر خمسة عشر مستدير
ليت من هو بلغ به غايته واستراح
من قصيدة رائعة منها قوله:
صد عنّي ترى عينك سهمها خطير
ما خَبرت أحدٍ قبلك عيونه رماح
مثل ماكنت بأقدامك تدوس الحرير
إنت يا زين بأقدامك تدوس الملاح