فهد بن جليد
قديماً كان كل من يظهر على التليفزيون، يجب عليه أن يتحدث (بالفُصحى) أو هكذا يعتقد، وهو ما جعلنا أمام لغة (ركيكة) غير سليمة، عند تحدث الناس على الشاشة بشكل مُضحك، بينما اليوم تبرز اللغة (البيضاء) والأسلوب (التقائي) كأهم عوامل النجاح (السرية) التي اعتمد عليها مشاهير (السوشيل ميديا والفن والإعلام)، فكلما كنت (تلقائياً طبيعياً) تتحدث كما أنت على الطبيعة دون تكلّف أو تصنّع، أصبحت أكثر قبولاً وتأثيراً، بل إنَّ كثيراً من البرامج العالمية والعربية الشهيرة كانت (الخلطة السرية) التي تميزها عن غيرها من البرامج المشابهة لها في المحتوى أو حتى الأكثر قيمة وأهمية هو الاعتماد على (اللغة البيضاء البسيطة) و(التلقائية والعفوية) في أسلوب المقدمين، دون تكلّف أو تقعير للجمل والمصطلحات، قديماً كان (سلاح) المثقفين الذي يميزهم عن غيرهم، تلك الكلمات والمصطلحات الجديدة وغير المعروفة للعامة، وكأنَّ المتحدث يُطل من (برج عاجي)، عكس ما يحدث اليوم.
تليفزيوناتنا العربية لم تعد تشبهنا تماماً، راقب حركة (حواجب) و(شفاه) بعض المذيعين والمذيعات، عند قراءة الأخبار أو تقديم البرامج، لتكتشف كمية التصنّع والتكلُّف في الحديث والقراءة والتعبير، هذا الأسلوب أبعد المشاهد عن الشاشات وأضعف تأثيرها، ولو أنَّ هؤلاء تحدثوا بتلقائية وعلى طبيعتهم لحققوا قبولاً وتأثيراً أكبر.
(التلقائي) في معجم اللغة هو العفوي غير المُتكلّف، لذا ظهرت (أزمة التلقائية) في المجتمعات الإنسانية، تبعاً (لأزمة الثقة) بالنفس والتصنّع، بحثاً عن الصورة المقبولة أو المثالية، لنفتقد بها (سراً) من أسرار القبول، الذي يعيشه أصحاب النفوس الطيبة النزيهة، فكلما كنت على (سجيتك) كما أنت، بعيداً عن التكلّف في حديثك ومظهرك وملبسك، كنت أكثر قبولاً، لأنّ الوصول لقلوب الناس والتأثير عليهم بشكل إيجابي، يمرُّ عبر (التلقائية) المفقودة في معظم المنصات.
وعلى دروب الخير نلتقي.