د. محمد عبدالله الخازم
ليس جديداً أن نطالب باختيار الأكفأ في المواقع القيادية بغض النظر عن الجنس أو العمر، حيث دعم المرأة أو الشباب لا يفترض أن يكون على حساب الكفاءة. هذه قاعدة لست أكتب عنها اليوم بقدر ما أركز على جانب ثقافي اجتماعي يتمثّل في حدة النقد والشخصنة عندما تعيّن امرأة في منصب ما، يفوق ما لوكان التعيين لرجل. ربما يعود الأمر لحداثة التجربة ولأسباب اجتماعية وثقافية.
تركيز الضوء والنقد للشخصية النسائية لاحظته ليس فقط من الرجال، حتى لا يعتبر الأمر متعلقاً بخشية الرجال من سحب البساط من تحت أقدامهم أو خشيتهم من سلطة السيدات، بل لاحظته كذلك من السيدات للسيدات أنفسهن وتجاوزاً لموضوع الغيرة والأمر هنا يرتبط بالتنميط الذي يحتاج إثبات بأن الغيرة موجودة لدى المرأة أكثر من الرجل، ترى بعض السيدات بوجود خبرات أو كفاءات نسائية تفوق من تم اختيارهن للمناصب. الأمر هنا نسبي ويحصل حتى في وسط الرجال؛ البلد مليء بالكفاءات والاختيار يبنى على معايير يقررها صاحب الصلاحية. بما أن التجربة حديثة فطبيعي غياب قواعد البيانات وصعوبة معرفة الخبرات في كل مكان بسهولة، فعدم اختيار سيدة صاحبة خبرة لن يكون متعمداً بقدر ما هو طبيعة حداثة التجربة.
البعض يحتج أحياناً بضعف خبرات القيادات النسائية بصفة عامة، وهذا الأمر لا يعيبهن لأن الفرص لم تكن متاحة، ولا أحد يولد قائداً في زمن العلم والمعرفة الإدارية، بل عليه التدرج في المناصب والمرور بمحكات اختبارات تساهم في إثبات جدارته وكفاءته سواء كان رجلاً أو امرأة، لذلك دعونا ندعمهن لاكتساب الخبرات والتدرج في المناصب المختلفة حتى يشتد عودهن في دروب القيادة كما يقال. الإدارة ليست مجرد شهادات أو أرقام تُقاس بدقة - واحد زائد واحد يساوي اثنين -، بل تتضمن كثيرًا من التقديرات والعمليات النسبية والتي يتطلب تعلمها واكتشافها خوض التجربة الميدانية.
ما أود قوله، لنبارك للسيدات في مناصبهن القيادية ونمنحهن الفرصة للإبداع وفي النهاية الجيد سيثبت نفسه. لقد فعلنا وما زلنا نفعل ذلك مع الرجال ولكن لا يتم تعريضهم للنقد القاسي مثل ما نفعل عند تعيين كل سيدة. جزء من الإدارة في بلادنا يتم عن طريق التجريب؛ نجرب فلاناً وقد يصلح للبقاء ومواصلة الترقي وقد لا يصلح. أيضاً -وأرجو ألا يزعج قول ذلك- نحن نعتمد كثيراً على التواصل الاجتماعي والأحكام الانطباعية في معرفة الناس وفي الثقة فيهم وتقدير قدراتهم أكثر منه التواصل المهني والاحترافي، لذا ربما هناك أكفاء لكن لم تخدم المسؤول بالتعرّف عليهم وتقدير كفاءتهم ومنحهم الثقة المستحقة. أخيراً، المناصب القيادية - بالذات الوسطية- أشبه بورش تدريب وتعلّم للكفاءات الطامحة والصاعدة، فلندعم كل من أتيح له أو لها فرصة قيادية ونساهم في تطوره وتعلّمه، لعلنا نصنع منه أو منها قائداً.