د. محمد بن عبدالله آل عمرو
صادف يوم الأربعاء الثاني عشر من أغسطس 2020م اليوم الدولي للشباب وهو اليوم الذي حددته الأمم المتحدة للتذكير بأهمية تنمية وتطوير مهارات الشباب وكل ما يتعلق بشؤونهم التعليمية والثقافية والحقوقية؛ فالشباب هم أمل أي أمة ومستقبلها، وما تنهض الأمم وتتقدم في ركب التطور والحضارة والمجد إلا على أكتاف شبابها، المتسلح بسلاح العلم والمعرفة، والمتألق إبداعا وابتكارا في كل مناحي الحياة.
وشبابنا السعوديون (ما دون 34 سنة) بحسب الإحصائية السكانية الرسمية يشكلون 67% من عدد السكان، ويحظى الشباب في المملكة بأقصى درجات العناية والرعاية والاهتمام من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والحكومة، فقد حصدت المملكة المركز الأول على مستوى العالم في إجمالي الإنفاق على التعليم، وفي نمو القوى العاملة الماهرة، حسب تقرير مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD.
وعلى الرغم من هذا الترتيب الذي تقدمت به المملكة على جميع دول العالم في الإنفاق على التعليم والتدريب، إلا أن ذلك للأسف الشديد لم يؤثر إيجابا في كفاءة التعليم ذاته فبحسب نتائج اختبارات البرنامج الدولي لتقويم الطلبة PISA الذي تم تنفيذه سنة 2018م فقد حقق طلبة المملكة متوسط نقاط أقل من متوسط النقاط لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في القراءة والرياضيات والعلوم، كما تعد نسبة من حققوا من طلبة المملكة مستويات عالية في أي من المجالات الثلاثة نسبة ضئيلة، مقارنة بمتوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما تعد نسبة من حصلوا على الحد الأدنى من الإتقان في المجالات الثلاثة معا نسبة صغيرة، مقارنة بدول المنظمة، ومن أراد الاطلاع على الإحصاءات الرقمية فليرجع إليها في تقرير المنظمة.
وأمام هذا البون الشاسع بين عناية الدولة بالتعليم والإنفاق عليه، وبين هذا المستوى المتدني في الحضيض لمهارات طلابنا مقارنة بنظرائهم في نحو (79) دولة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شاركت في الاختبار، فإنني لن أتحدث عن دور ومسؤوليات وزارة التعليم قبل وبعد هذه الاختبارات والنتائج، ولا عن مستوى كفاءة المدخلات المهنية للعملية التعليمية على مر سنين عديدة، التي أدت إلى هذه النتائج المخيبة للآمال، فمؤكد أن الوزارة أمام هذه الصدمة قد استشعرت أن تعليمنا في خطر، وأنها ستتخذ من الإجراءات ما يمكن أن يساعد على رفع مستوى مهارات الطلاب في الاختبار القادم سنة 2021م، ولكنني سأتحدث عن دور ومسؤوليات الشريك الأساس للوزارة تجاه «تعليم» شبابنا الطلاب وضمان مساعدتهم لاكتساب المهارات والمفاهيم المتضمنة في المحتوى المعرفي المدرسي ألا وهي الأسرة.
ولن أتحدث عن المسؤوليات التربوية الأولية للأسرة التي تمتلئ بها كتب التربية الأسرية مما لا تسمح به مساحة هذا المقال، ولكنني سأشير إلى مسؤوليتين فقط من مسؤولياتها كان يمكن أن تسهما حال القيام بهما على أكمل وجه في رفع مستوى مهارات الطلاب، وأطرح تساؤلين مهمين يتحدد من خلالهما ما إذا كانت الأسرة تقوم بواجبها تجاه أولادها أم لا!!
أولهما: ما مدى وعي الأسرة لمسؤوليتها في إدارة وقت الأولاد؟! وثانيهما: ما مدى وعي الأسرة لخطورة أجهزة وبرامج التواصل الاجتماعي التي انتشرت في أيديهم وأصبحت جزءا من ضرورات سعادتهم ورضاهم عن والديهم، تتغذى عليها عقولهم وأبصارهم كما يشربون الماء ويتنفسون الهواء؟!
فقد أشارت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء أن نسبة مشاركة الذكور في الشبكات الاجتماعية قد بلغت 98.8% بينما بلغت نسبة مشاركة الإناث في الشبكات الاجتماعية 97.6%؛ ولم تشر تلك الإحصاءات إلى الوقت الذي يقضيه هؤلاء الشباب والشابات مع هذه الشبكات الاجتماعية، وسوف أترك للقارئ الكريم تقدير ذلك الوقت من خلال ملاحظاته الشخصية في محيطه الأسري، وأزعم أنه سيتوصل إلى ما يعنيه من الإجابة عن التساؤلين، باعتباره أبا أو أما أو كبيرا في الأسرة.
خاتمة لأبي العلاء المعري:
وينشأُ ناشِئُ الفتيانِ مِنَّا
على ما كانَ عَوّدَهُ أبوه
وما دانَ الفتى بحجىً ولكنْ
يُعوّدُهُ التدينُ أقربوه