د. جمال الراوي
«اسأل مجُرب ولا تسأل طبيب»؛ مقولة تنتشر بين النّاس، وهي صحيحة وواقعيّة إلى حدٍّ كبير، لأنّ المُجرب عاش المرض وعرف أعراضه في جسمه، بينما الطبيب درسها في الكتب، وسوف أتحدّث من واقع تجربتي مع «كورونا»؛ هذا المرض الذي أخذ صيتاً كبيراً، وأصبح حديث العالم من أقصاه إلى أقصاه، وأصبح كابوساً مرعباً، وجعل الناس يلتفتون، ذات اليمين وذات الشمال، خوفاً أنْ يُصيبهم على حين غرّة.
فقد عرفت عن قربٍ أعراض هذا المرض، فوجدتها أعراضاً لا قبل للجسم بها من قبل فالحرارة الملتهبة والوهن الشديد والآلام العضليّة والصداع الشديد كلّها أعراض صاخبة، وتترافق مع تعرقٍّ غريب وذو كثافة كبيرة، لأنّ الفيروس يستهلك نسبة كبيرة من سوائل الجسم، ويبدو أنّ الوسائل الدفاعيّة في الجسم تُصبح في حالة شديدة من الضياع والاضطراب، فجميع الفيروسات تعرفها الأجسام البشرية، وتعرف أسلحتها والأدوات التي تحملها معها داخل الجسم البشري، بينما لهذا الفيروس تركيبة غريبة جداً جداً، ولم يسبق للعلم أنْ وجد شبيهاً له، لذا تصبح الوسائل الدفاعيّة في الجسم في حالة من الهيجان لأنّه جسم غريب لم يسبق لها أنْ رأته من قبل، وأعتقد جازماً بأنّ هذه الوسائل المناعيّة لا تعرف الأدوات المناسبة للقضاء عليه، فترتكس بشدّة غير معهودة وغير مسبوقة.
ما ألاحظه بأنّه يمر عند الأطفال مرور الكرام ثم يختفي سريعاً، ولا أعتقد بأنّ السبب هو قوّة مناعتهم، وإنّما بسبب إهمال الجهاز المناعي عندهم للفيروس؛ الذي لا يهتمّ كثيراً لوجوده، ولا يرتكس ولا يُشهر أسلحته بوجهه، لأنّ معظم الأطفال يتمتعون بجهاز مناعي بدائي، ولم يتعرّفوا على جميع الفيروسات التي تُصيب البشر، بسبب أعمارهم القليلة، لذا لا تهتمّ أجسامهم له، فيغادرها الفيروس سريعاً، بينما يختلف الحال عند الكبار؛ لأنّ جهازهم المناعي متطوّر؛ فيبدأ بإخراج أسلحة مختلفة، ولكنها أسلحة غير متكافئة ولا متوازنة، كمن يُطلق صاروخاً على ذبابة، بسبب جهل الجهاز المناعي بمعرفة هذا الفيروس وقوّته، وهذا قد يُثير الشبهة بأنّ الفيروس قد يكون مُصنّعاً مخبرياً، وبطريقة فائقة الدقّة، خاصّة وأنّ الكثير من الدول تلجأ إلى الأسلحة الجرثوميّة والبيولوجيّة، وتحاول تطويرها واللعب على جيناتها وتعديلها!!
ما ألاحظه بأنّ الإصابات لدى الرجال أكثر من الإصابات عند النساء، مع تفاوتٍ غريب وعجيب في ارتكاس الأجسام له؛ فقد تجد الرياضي صاحب القوّة والعضلات القويّة، ينهار بسرعة أمامه، بينما يصمد أمامه الشيخ المُسن، ويتجاوزه بسلام، وقد لا يكون هذا بسبب قوّة المناعة، وإنّما بسبب اضطراب الجهاز المناعي وشدّة ارتكاسه، وهو كما قلت مثل من يضرب ذبابة بقنبلة، حيث ترتكس هذه الأجسام القويّة للفيروس وتُبرز له أعتى ما عندها من أسلحة مقاومة، فتصبح متخبّطة وغير قادرة على التعرّف على قوّته، فتحاربه بأسلحة مدمرة للجسم، أكثر ما تكون مدمّرة له.
كمية التعرّق وإفرازات السوائل المُرافقة للإصابة بهذا الفيروس غير مسبوقة في الأمراض الأخرى، وهي قد لا تكون وسيلة لتخفيف ارتفاع الحرارة فحسب، وإنّما قد تكون وسيلة لطرد الفيروس من خلال هذه السوائل؛ خاصّة وأنّ رائحتها وقوامها غريب، وتختلف عن تركيب سوائل التعرّق العاديّة. أمّا كثرة إصابة الرجال به؛ فقد يكون سببها البيئة الهرمونيّة المختلفة وبسبب ارتفاع نسبة التستستيرون «هرمون الذكورة» عند الرجال، والذي يُزيد من قدرة الوسائل المناعيّة والقوّة العضلية.
يُلاحظ النسبة المرتفعة لهذا المرض بين الأطباء والطاقم التمريضي، وذلك بسبب تعرّضهم لشحنات مستمرّة وكميات دائمة لهذا الفيروس، خاصّة وأنّهم جميعاً، يقفون بجوار الأعداد الكبيرة لهؤلاء المرضى، ويتعاملون معهم بصورة لصيقة، وهذا لعمري، أحد مساوئ هذه المهنة التي يدفع أعضاؤها ثمناً باهضاً من أجسادهم وأرواحهم وأنفسهم.
جميع الإحصائيات العالميّة تتحدث عن نسبة وفاة لا تتجاوز 5 % في جميع البلدان، ولم تعطِ هذه الدراسات أيّة إجابة صريحة وواضحة عن الأشخاص المُهدّدين أكثر بالموت بهذا المرض، وأكاد أجزم بأنّ السبب هو وجود خلل في الجهاز المناعي في الجسم، والذي لا يمكن اكتشافه أو معرفته قبل الإصابة بالمرض، فقد تجد مريض السكري والضغط والأمراض المزمنة أكثر مقاومة له من صحيح البدن، وقد عرفنا وسمعنا عن أشخاصٍ ماتوا وهم في صحّة تامة، بينما نجا منه أصحاب الأمراض المزمنة!!
لا أدّعي معرفتي بهذا المرض، ولكنّي كأحد الذين أصيبوا به، فبالرغم من وقايتي وحذري الشديد منه، أقول بأنّ التباعد الاجتماعي ضروري ومهم جداً، ولكنّه قد لا يكون كافيّاً، خاصّة وأنّ التجارب أثبتت انتشاره عن طريق الرذاذ في الهواء، لذا فقد يُصاب به من يقوم بأشدّ إجراءات الحيطة الحذر.
أمّا العلاج بالمضادات الحيويّة والزنك وفيتامين «د» والمسكنات وخافضات الحرارة وشرب السوائل والعصائر وغير ذلك؛ فإنّها مجرد مُلطفات، ولا يوجد أيّ علاج له إطلاقاً، ولا تزال الأبحاث جارية بخصوص معرفة مدى إمكانيّة الإصابة به مرّة أخرى، أو لإيجاد لقاحٍ له، بينما دراساتٌ أخرى تقول بأنّ لهذا الفيروس عدّة أشكال منها الهضمي والتنفسي وغير ذلك، لذا قد يُصاب الإنسان بشكلٍ آخر منه، كمّا أنّ دراساتٍ أخرى تقول بأنّه قد يضعف مع مرور الوقت وسوف يتبقى الشكل الخفيف منه، بينما دراساتٌ أخرى تقول بأنّه، على العكس تماماً، قد يشتدّ أكثر ويتطوّر ويصبح أكثر فتكاً من ذي قبل!!
ومن يريد أنْ يعرف حالة الهرج والضياع الذي يعيشها العالم؛ فليتابع تصريحات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» ليعرف بأنّ هذا الرئيس أصبح في حالة من الهوس، وبما يشبه الجنون؛ فتجده، بين فترةٍ وأخرى، يُصدر تصريحاً مختلفاً، وقد قامت إدارة «الفيس بوك» بحذف أحد منشوراته بخصوص هذا الفيروس بسبب مخالفته للأسس الطبيّة!!... وأخيراً؛ أدعو الله أنْ يرفع عنّا هذا الوباء، الذي لا أرى له من علاجٍ له سوى الجأر والدعاء والتضرّع لله أنْ يصرفه عنّا ويقينا من شرّه.