عمرو أبوالعطا
استفاقت لبنان على كارثة يوم الثلاثاء أدت إلى خراب نصف بيروت، انفجار تضرر منه البشر والحجر، عشرات القتلى ومئات الجرحى ومفقودون بأعداد كبيرة، أكثر من 300 ألف شخص تشردوا خارج منازلهم، تضرر العمارات والمستشفيات والوحدات السكنية، خلفت دماراً شاملاً ومدينة منكوبة، بخلاف خسائر تقدر بـ3 إلى 5 مليارات دولار، عنبر رقم 12 تم تخزين به 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم منذ 6 سنوات في مرفأ بيروت أدت إلى انفجار يشبه شكل انفجار القنبلة النووية، هي مواد تمت مصادرتها، في العام 2014 ، في باخرة وتدعى «rhosus» وتم نقلها وتخزينها في مكان مناسب ثم نقلت إلى العنبر رقم 12 لحفظها إلى أن يتم البت فيها لأنها بضاعة محجوزة. ومعظم العمليات في الميناء كانت تحت سيطرة «غير رسمية» لحزب الله.
ونترات الأمونيوم هي مادة بلورية عديمة اللون، تعتبر مكوناً أساسياً في صناعة الأسمدة، وكانت هذه المادة سبباً في انفجار مصنع للأسمدة بولاية تكساس الأميركية، عام 2013 ، حيث قضى نتيجته 15 شخصاً، ويعتقد أنه كان متعمداً، كما شهد مصنع للكيماويات، في مدينة تولوز الفرنسية، انفجاراً، عام 2001 ، تسبب بمقتل 31 شخصاً، لكنه حصل كان حادثاً عرضياً، وعند دمجها مع الوقود، تصبح نترات الأمونيوم مادة شديدة الانفجار، ما جعل استخدامها فعالاً لأعمال الإنشاءات، ولصنع المتفجرات كما فعلت حركة طالبان، ودخلت نترات الأمونيوم في صناعة قنبلة استخدمت بهجوم، في ولاية أوكلاهوما الأميركية عام 1995 .
وكان لحزب الله اللبناني تاريخ طويل مع هذه المادة لتنفيذ عمليات إرهابية في عدة مناطق من منطقة الشرق الأوسط والعالم، ففي يوليو 2012 تم اعتقال عنصر من «حزب الله» في قبرص يدعى حسين عبدالله بعد اكتشاف 2.8 طن من نترات الأمونيوم في قبو منزله في لارنكا، وفي أغسطس 2015 تم اعتقال 3 عناصر من «حزب الله» في الكويت بعد اكتشاف 42000 باوند من نترات الأمونيوم و300 باوند من متفجرات الـC4 وأسلحة في منزلهم، وعام 2017 داهمت السلطات البوليفية مخزناً كبيراً تابعاً لحزب الله عثر في داخله على كميات من المتفجرات لإنتاج قنبلة بوزن 2.5 طن، وعام 2020 صنفت ألمانيا حزب الله حزباً إرهابياً، وداهمت عدة مخازن جنوب البلاد وجد فيها كميات كبيرة من نترات الأمونيوم المستخدمة في صناعة المتفجرات، واليوم بما لا يقبل الشك فإن نترات الأمونيوم التي تحدث عنها ضاهر تعود إلى حزب الله الذي تسبب بدمار بيروت ولا نستبعد تورط حزب الله في المقام الأول في هذا الانفجار وتضعه في دائرة الاتهام، وتداول ناشطون فيديو لحسن نصرالله يهدد به إسرائيل بضربها من خلال استهداف نترات الأمونيوم.
«لم نر مثله من قبل» عندما يصدر هذا الكلام من سكان بلد شهد حرباً أهلية دامت 15 عاماً وعانى من الحروب الخارجية والاغتيالات بشكل مستمر، فإننا أمام حدث شديد الخطورة وتداعياته قد تكون مدمرة، فمشهد السحابة المتطايرة التي تنقشع على طريقة سحابة القنبلة الذرية لم يثر الرعب فقط، ولكنه يزيد الانفجار المروع غموضاً على الغموض الذي أثارته التصريحات الأولية عن الانفجار، صدفة غريبة حيث يتزامن انفجار بيروت الذي هز قلوب العالم، مع إحياء ذكرى أول قصف ذري في التاريخ قبل 75 عاماً على مدينتي هيروشيما وناجازاكي والذي شبهه البعض بما حدث في لبنان بسبب شدة الانفجارات التي وقعت.
نترات الأمونيوم لا تنفجر إلا في حرارة 210 درجة مئوية، وهذا الانفجار يسبب موجات صادمة وإصابات دماغية تظهر أعراضها لاحقاً, وقالت مصادر عسكرية إن سبب الانفجار 50 طناً فقط من نترات الأمونيوم، ما حدث ليس إهمالاً أو مجهول بل كلنا على علم من وراء ما يحدث في لبنان منذ سنوات.
أعربت دول عربية وغربية عن تضامنها المطلق مع لبنان لمواجهة الانفجار الذي هز العاصمة بيروت، وقالت وزارة الخارجية السعودية إنها «تتابع ببالغ القلق والاهتمام تداعيات الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت»، مؤكدة «وقوفها وتضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق».
وتحرك الجسر الجوي السعودي نحو لبنان لنقل الدعم الذي قدمه مركز الملك سلمان للإغاثة حاملاً مواد وأجهزة طبية ومواد غذائية وإيوائية.