محمد بن عبدالله آل شملان
لم يعد بالخافي على أي أحد في هذا العالم خطر سياسات حزب الله وحزب رئيس الجمهورية على لبنان، وعنايتهما على استمرار الخلل في تماسك الجانب السياسي للسياسات الخارجية للبنان؛ لا سيما أنهما يمتلكان تاريخاً طويلاً في إحداث الأزمات المتلاحقة سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم أمنية أم اجتماعية، ومحاولات سيطرتهما على مقدرات لبنان، وهذه الأفعال للأسف أدت إلى فقدان الثقة من المجتمعين العربي والدولي، وتأزّم الاقتصاد، والإضرار بالعملة الوطنية، وتردّي تقديم الخدمات العامة، الأمر الذي نتج عنه وضع هذا الوطن الجريح في موقف لا يحسد عليه، بمواجهة الانهيار والإفلاس، وربما نذير شؤم بتقدّم الاقتتال ونشر الفوضى.
أخطأ حزب الله وحزب رئيس الجمهورية في لبنان، حين ظنَّا أن العالم العربي لن يدعم لبنان، ولن يبذل أي جهد في إنقاذ هذا الوطن الجريح من حالة الضياع التي يتخبط به، وأخطآ أيضاً حزب الله وحزب رئيس الجمهورية في لبنان، حين نسيا أن محاولاتهم في تحويل ذلك الوطن الجريح أسيراً للأطماع الإيرانية قد باتت مكشوفة، وأنهما يسعيان إلى الإضرار بمصالح العرب، بمن فيهم الشعب اللبناني ذاته.
في الواقع فإن سياسة حزب الله وحزب الرئيس اللبناني في لبنان تشهد اليوم حالة خطيرة، بالاعتماد على النأي بالنفس، وتزوير مسمى المسؤولية، واستلاب الوعي؛ لا سيما بعد الانفجار الكبير الذي هزَّ مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، والذي نتج عنه الكثير من الموتى والجرحى، وترك دماراً عظيماً فيه، التي ظهرت فيها «بيروت» وكأنها ساحة قتال، بعد المشاهد الفظيعة التي تواردتْ في القنوات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن سياستهم المشبوهة ـ بإذن الله تعالى ـ سيكون مصيرها الفشل، لأن إرادة الشعب اللبناني أقوى من كل غطرستهم وجرائمهم. وسيرون قريباً طموحاتهم تنهار أمام بوابات العدالة والضمير الإنساني العالمي.
فالسياسات الحزبية ذات العلاقة بالانتهازية والأطماع والمؤامرات والمخططات لا تحقق أهدافها نهائياً عندما تتشابك بالحقد واللؤم، بالنظر لضحالة الفكر التي يمتلكها الحزبان المبنية على التناقضات، والتي يغيب عنها الوعي، حيث يحاول استهداف روح الشعب اللبناني والعيش في الطريق المشترك، وكل ما يفتخر به كل عربي ومسلم من القيم والمبادئ والأخلاق.
فمعركة لبنان اليوم هي معركة مواجهة التدخل الإيراني في لبنان والحفاظ على هويته بصبغتها العربية، وأن عوامل التصميم والعزم والمواجهة والانتصار تتجدّد لدفن السياسات الحزبية ذات العلاقة بالانتهازية والأطماع والمؤامرات والمخططات في لبنان، لا سيما أن النظام الإيراني عبر حلفائه هناك، ماضٍ في الفساد والإهمال وتضييع الوقت والتنصّل عن إيجاد الحلول للاقتصاد المنهار وعدم نزع السلاح والبقاء في محيط الدوامة التي اقترفتها يداه.
الحراك الذي قاده ودعمه عاهل هذا الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ في تقديم تعازيه وتضامنه مع لبنان واللبنانيين، وبتحرك فوري من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وبكل إمكاناته وقدراته، هو أمر واقعي ومنطقي، لأنه يعبر عن روح التضامن والتكاتف التي تدركها القيادة الرشيدة اتجاه الأمة العربية والإسلامية والإنسانية كلها جمعاء، وهي حريصة بالتأكيد على لبنان، وبما يساعد على استقراره وتعدي محنه وأزماته.