خالد الربيعان
تكلَّمنا عن الساموراي الياباني والأرنب الاشتراكي.. فلِمَ لا نتكلم عن الغراب البنفسجي !.. منذ الإعلان عن انسحاب السعودية من صفقة شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي والأمور لم تهدأ.. بل إنها بدأت لكن على مستوى آخر، وفي اتجاه آخر، يقول السيد نيوتن: «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه»،
رد الفعل لم يكن مساويًا بالمرة، بل الغضب من جماهير النادي تجاه رابطة الدوري الإنجليزي كان عاصفاً، فالجماهير العريقة تنتظر لعقود تحسُّن حال نادي المدينة، خاصة وهم شهود على تغير حال الأندية الأخرى وبشكل «إعجازي».. مثل ليستر سيتي الذي لم يستقر في البريمرليج فقط.. بل فاز بها.
ساوثهامبتون الذي انتقل العقد الأخير نقلة نوعية وزادت قيمة النادي السوقية بشكل كبير، توتنهام الذي أصبح بالفعل من كبار إنجلترا، حيث أصبح طابعه الكرة الجميلة بجانب ترشيحه السنوي للمنافسة على اللقب مع خمسة أندية دائمي الترشح.
لذلك كانت خيبة الأمل كبيرة من جماهير تعد بعشرات الآلاف.. غضب عاصف ورسائل على السوشيال ميديا تحديداً، الاتهامات تركزت على أولئك الأشخاص الذين كانوا السبب في إفشال الصفقة بجعل رابطة البريمرليج تضع العقبات والطلبات بغرابة أمام الطرف المشتري: صندوق الاستثمارات العامة السعودي وبي سي بي كابيتال بملكية «أماندا ستافيلي»، بجانب التسويف الغريب في إنهاء الصفقة، الأمر الذي لفت النظر لوجود طرف ثالث في المباراة غير مرئي وإن كان ظاهر اللون لنا جميعاً.. الغراب البنفسجي.
نيوكاسل أو «الغربان» وهو اللقب الشهير للنادي وتميمته بالمناسبة، لتميز المدينة بنوع معين منها «العقعق» اشتق منه لقب النادي: «الماكبايس»، غير ذلك فالغربان بشكل عام تتميز بسلوكها الغريب بل والمؤذي، يصل للمضايقات والإيذاء وسرقة الطعام وبناء أعشاش في أمكنة غريبة لا تخصها، تماماً كالغراب البنفسجي «المحتكر».
ذلك الغراب اتضح أن له دورًا كبيرًا جداً في البطء المتعمد من رابطة البريمرليج لإكمال إجراءات الاستحواذ، بجانب تسريب تفاصيل مفاوضات الصفقة رغم افتراض سريتها الشديدة، والسبب كان التأثر بدعاية «بنفسجية» نعلم من ورائها: هدفها الأساسي هو «مواصلة احتكار البث التليفزيوني»، والذي هو في الوقت نفسه يشكِّل كل شيء تقريباً لرابطة البريمرليج وأنديتها: 12 مليار دولار داخل إنجلترا وخارجها.. أنت تتكلم عن اقتصاد دولة صغيرة هنا.. جعل الرابطة تغير مواعيد المباريات «بكل أريحية» لتجعلها في «عز القايلة» بإنجلترا من أجل عيون السوق الآسيوي الذي يسهم في 4.2 مليار قيمة البث الخارجي.
إذن الأمر يستأهل بكل موضوعية هذه الحرب، وهي غير عادلة لوجود عناصر داخل الرابطة تتأثر و»تخدم» أطرافًا أخرى، ولا نتكلم عن التحيز من بعض رجالها لهذا الطرف الثالث، أو وجود رشاوي «مثلاً»، فالكل نظيف كما تعودنا ونزاهة ملفات أصحاب كراسي المسؤولية وسابقة أعمالهم تشهد خاصةً في فيفا ويويفا!، واتهامات الآلاف من جماهير نيوكاسل للرابطة التي يمكن أن تراجعها على حسابها التويتري -الرابطة لا الجماهير!- بتكرار لفظ corruption أي فساد: نعتبرها لم تكن!
اللافت للنظر هو قوة الرأي العام الرياضي هناك على التغيير ودور الرموز في ذلك، اتضح في عريضة بعنوان «التغيير» بقيادة نجوم مثل «روب لي» و«فاوستينو أسبريا» استهدفت 75 ألف توقيع من مدينة نيوكاسل وقع منهم 61 ألف، بأهداف هي «التحقيق مع ريتشارد ماسترز رئيس الرابطة. والإجابة على سؤال لماذا لم تكتمل الصفقة»، مع النقطة التي دُهِشْت من بعض السعوديين هنا لإنكارها بينما الإنجليز قالوها علنًا: «استجابة الرابطة لطرف لديه مشكلات شخصية مع السعودية».. لا نقصد الغراب البنفسجي بالطبع!
بوريس
النتيجة كانت تدخُّل رئيس الوزراء البريطاني «بوريس جونسون» الذي طالب بالتوضيح: لسبب التأخير، من منتصف إبريل حتى منذ أيام، بيان من الاتحاد الإنجليزي بالأسباب الدافعة للطرف المشتري لسحب عرضه، في بالي الآن اعتقادان أولهما أن الأمور انتهت وكل هذا لامتصاص الغضب وتهدئة الوضع، واعتقاد آخر تؤكده رواية «شبكة سكاي» - والعُهْدَة على الراوي - بأن مايك آشلي «مالك نيوكاسل» يواصل مرة أخرى لإنهاء الصفقة بأسرع وقت في ظل مراقبة حكومية على تصرفات الرابطة.. والخبر اليقين تؤكده الأيام القليلة المقبلة.