فهد بن جليد
يبدو أنَّ (توشيبا) عملاق التقنية اليابانية تعاني من التقليدية في الصناعة والإدارة معاً، عندما عجزت عن الالتفات للوراء قليلاً لمُجاراة خطوط وخطوات التطوير التي ينتهجها منافسون أكثر رشاقة، يُزاحمونها على الصدارة، فتخلي العملاق عن صناعة أجهزة الكمبيوتر المحمولة (اللاب توب) قصة مُثيرة، وخبر مهم جداً يستحق التعليق ليس على المشاكل المالية وفضائح تعظيم الأرباح للحاق بركب الصغار، لكن لكونها هي من قدمت للعالم أول كمبيوتر شخصي محمول العام 1985م، وتربعت بعد ذلك على عرش الصناعة 35 عاماً بين الخمسة الكبار في هذا المجال، وفي النهاية رفعت الراية مُثبتة أنَّ (خطواتها) تثاقلت عن تلبية احتياج مستخدمي الهواتف الذكية، وأنَّها انتهجت البنى التحتية للصناعة.
بعض التقنيين الكبار و(توشيبا) على رأسهم، لم يهتموا كثيراً بالمُستهلك البسيط في الطرف الأخير من القصة -على مدى عقد كامل- ما فتح مجال أوسع (للهواتف الذكية) للقيام بمهمة متطورة أكثر إبهاراً وعصرية، والمؤلم أنَّ هؤلاء المصنعون الجُدد يحصلون على الشرائح الإلكترونية ودواخل التصنيع من (توشيا) وأخواتها، اللاتي تأخرنَّ لاكتشاف أنَّ عليهنَّ تغيير المسار بالعودة مُجدَّداً لمعرفة احتياج الناس وذائقتهم لضمان الاستمرار، في وقت ساد الاعتقاد بأنَّ الحاجة ستظل قائمة، والطلب مستمر حتماً على مُنتجات الكمبيوتر الشخصي التقليدي، ما أوصل (توشيبا) إلى القرار المُرّ بالهروب من (الباب الخلفي)، بحجة الاستثمار في (البنى التحتية) والتفرغ للصناعات الأساسية.
جميع المنتجات الرقمية تقدم في النهاية خدمات مُتشابهة بمواصفات متفاوتة، عوامل المنافسة والجذب تكمن في جودة مرضية، سعر عادل، وعمر افتراضي مقبول، القرب من (المُستهلك البسيط) وتلبية احتياجه، ضمانة للاستمرار، ومحفز للتطوير والابتكار في كل المجالات الصناعية والتجارية، تلك هي القصة المُستفادة من خروج العملاق (توشيبا) من صناعة (اللاب توب) التي عرَّف العالم عليها بداية القصة، ولم يستطع الصمود للنهاية.
وعلى دروب الخير نلتقي.