هدى الشريف
تثبت السعودية في كل أزمة أنها الأقوى أمام كافة التحديات، فها هي تنجح في حج هذا العام وتحت كل الظروف التي يمر بها العالم بسبب جائحة كورونا. وبينما تمنى المتمنون فشل حج هذا العام فإن السعودية تبهر العالم وتنجح باقتداركعادتها وتشكل صفعة مدوِّية ثلاثية الأبعاد لكل أعداء المملكة.
لقد شرَّف الله تعالى المملكة بأن جعلها مهبطاً للوحي ومنبعاً للرسالات السماوية وجعل فيها بيته الحرام وقبلة المسلمين الأولى في مشارق الأرض ومغاربها، حيث تهوي لهم أفئدة من الناس تحقيقاً» لدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام يوم أن دعى ربه {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (37 سورة إبراهيم).
وحمل ولاة أمرنا على عاتقهم خدمة بيت الله الحرام وخدمة ضيوفه الكرام منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي حمل اللواء وأكمل الرسالة وقام بمشاريع جبارة لتوسعة الحرمين. فالاهتمام بالحجيج وتوفير الأمن والأمان وكافة سبل الراحة لهم ليؤدوا مناسكهم في يسر وسهولة من أولويات اهتمام حكومة المملكة العربية السعودية رسالة يتوارثها حكامنا جيلاً بعد جيل.
يتوافد الملايين كل عام لأداء فريضة الحج، في أيام معدودات، حيث ترى العدد الكبير من الحجيج في فترة زمنية قصيرة وفي منطقة جغرافية صغيرة نسبة للعدد الهائل. وفي كل عام تتحدث الصحف عن الخدمات الرائعة والمرافق المتكاملة والتعامل الإنساني الراقي لصقور المملكة للحجاج، إلا أن هذا العام كان مختلفاً عن كل عام فقد حمل الكثير وسطر ملحمة تاريخية. إن التنظيم والتنسيق الدقيق للحجاج يصدم العالم لتتغنَّى الصحف العالمية بهذه الاحترافية في رسم التباعد الاجتماعي حفاظاً على حجاج بيت الله الحرام رغم نسبة الحجاج الكبيرة في منطقة جغرافية ضيقة جداً إلا أن كل تلك البروتوكولات الصحية التي اعتمدت كان لها جميل الأثر على صحة الحجاج والمواطنين بحمد الله تعالى.
فنظراً لتفشي جائحة الفيروس التاجي فقد تم أداء حج هذا العام 2020 وسط إجراءات غير مسبوقة -وفقاً للبروتوكولات الصحية المعتمدة عالمياً، مع مراعاة بروتوكولات التباعد الاجتماعي لحماية الحجاج من العدوى بفيروس كورونا.
وضمن تلك الإجراءات الوقائية وفرت حكومة خادم الحرمين للحجاج حقيبة حاج تحتوي على سجادة صلاة وملابس خاصة بتقنية النانو الفضية التي تساعد على قتل البكتيريا ومقاومة الماء كما تحتوي الحقيبة أيضاً على المظلات ومعقمات اليدين والصابون وغيرها من الأدوات.
واتخذت المملكة تحت هذا الظرف الاستثنائي إجراءات لتخفيض عدد الحجاج والذي يتجاوز كل عام 2 مليوني حاج، إلا أنه وتحت هذا الوضع الطارئ والخطير فقد تم تقليص الأعداد إلى 10 آلاف حاج من المواطنين والمقيمين داخل المملكة حتى يتم منع الفيروس من التفشي الذي سيساعد الازدحام على نقل الفيروس وبالتالي تهديد المجتمعات العالمية.
ولم تأل الحكومة السعودية جهداً في العمل على تذليل الصعاب وتيسير الحج، ومن ضمن أعمالها مشروعات ضخمة كتوسعة الحرمين وتنفيذ مشاريع عملاقة في المشاعر المقدسة وتطوير مرافق الحج، كما أخذت على عاتقها توفير الأمن والرعاية الصحية لحجاج بيت الحرام، لتبقى تلك الإنجازات العظيمة في خدمة ضيوف الرحمن شاهداً على مدى التاريخ على اهتمام حكومة المملكة منذ تأسيسها على خدمة بيت الله الحرام وراحة ضيوفه الكرام.