رجاء العتيبي
هناك انفجار سبق انفجار مرفأ لبنان, وهو انفجار له ذات العواقب لو أن بلداً آخر مرت به نفس الظروف, وهو (انفجار القيادات المؤثرة), لا يوجد في لبنان قيادات سياسية مؤثرة قوية ملهمة صالحة, لبنان الذي خلف أنصاف سياسيين, وأنصاف قياديين, قاد لانفجار بيروت, علينا أن نعرف أن غياب القيادات الوطنية يتيح الفرصة لغيرهم بأن يتسلموا المكان بدلاً منهم, وإذا حل الضعفاء والمتسلقون مكاناً حولوه إلى مرفأ مهشم تذروه الرياح.
المكان الذي لا يستجيب للمبدعين, ولا توجد به أنظمة تقدرهم وتحقق ذاتهم, يتركونه فوراً, أو يجبرون على تركه, أو ينفيهم الخبث, فلا تجد سوى الغربان تنعق في الفضائيات والصحف, ما جعل اللبنانيين الشرفاء يقذفون الشاشات بالأحذية تعبيراً عن سخطهم ووصولهم لدرجة اليأس من هذا النعيق البائس.
المتسلقون والضعفاء واللصوص يبرزون في البيئة الفاسدة, البيئة التي لا يوجد بها قانون ولا أنظمة ولا محاسبة, البيئة التي تجعل من المحاصصة الطائفية نظاماً للحكم, البيئة الطاردة للمبدعين والمخلصين والنجباء.
يقول ستيفن كوفي: «المنشأة الناجحة بالضرورة بها أناس فعالون». وكذلك الدول لا تنهض إلا بالبشر الفعالين, بالناس الوطنيين, لا محاصصة, لا طوائف, لا أحزاب, لا تطرف, لا دكتاتورية.
وعجيب أمر هذا الإنسان, فيه من إذا تولى أمر بلد جعله في مصاف البلدان المتقدمة, وفيه من إذا تولى سدة الحكم جعله أسفل سافلين, أمر يجعلك تنحاز فوراً للمبدعين والصالحين والمخلصين بدون تردد.. هذه الحقيقة إذا مررتها على النموذج اللبناني تجد أن شخصاً مشؤوماً كـ حسن نصر الله جعل من لبنان خراباً مقارنة بـ رفيق الحريري الذي استعاد لبنان من كبوته وكان في طريقه لجعل لبنان كما كانت مشعلاً للحضارة والتقدم والإنسانية, ولكن الموكب تفجر, تم تفجير شخصية قيادية ناجحة مؤثرة, ألم أقل إن هناك انفجاراً سبق انفجار مرفأ لبنان, تفجير القيادات الصالحة المبدعة المؤثرة.