سهوب بغدادي
فيما عاصرنا تحولا في مسارات عمل العديد من المجالات خلال جائحة كورونا، ولازال العالم يواجه ويحاول إيجاد سبل التعايش مع هذا الوباء المستجد -حمانا الله وإياكم- حيث اتجهت جميع الجهات إلى العمل عن بعد بما في ذلك الجهات الفاعلة في المجتمع، مع اعتماد سياسة الإنتاجية والجودة لا الكم. وهذا أمر بديع. في الوقت الذي شهدنا تميز وزارة الصحة عبر إدارتها للأزمة في المملكة باستشراف القريب واتخاذ اللازم قبيل حدوثه وتوعية المجتمع بمختلف فئاته وألوانه وأطيافه، فعمدت التوعية باللغات المختلفة بل رصدت الاحتياجات الملحة من البعض وعملت على تحقيق المطالب، على سبيل المثال لا الحصر توفير مترجم للغة الإشارة بشكل مباشر خلال مؤتمر الصحة والداخلية اليومي بشأن فيروس كورونا. كما لفتني الإعلان عن بدء العمل بالمرحلة الأولى لتطبيق خدمة الترجمة الإشارية في مركز اتصال 937 عبر تطبيق «إشارة» وهي خدمة مقدمة لذوي الإعاقة السمعية الصم وضعاف السمع تسهل لهم الاستفادة من الخدمات المقدمة من مركز اتصال 937 من خلال التطبيق. في هذا السياق، لفتني مقال للأستاذ الفاضل خلوفة الشهري تحت عنوان «رؤية السعودية 2030 والأشخاص الصم وضعاف السمع بين الواقع والمأمول» وصف فيه بشكل واقعي ما يواجهه الصم وضعاف السمع بشكل متكرر فضلا عن نقاط لا غنى عنها في حياتهم في نطاقات عديدة من أهمها قطاع التعليم العالي باعتبار أن التعليم أحد أبرز مواطن التطوير والارتقاء في أي مجتمع. فتنوعت المطالب بين زيادة أعداد الكراسي الدراسية المخصصة لذوي الإعاقة في الجامعات السعودية، بغية تأهيل عدد أكبر من الكفاءات الوطنية في المجالات والمسارات المختصة كالتربية الخاصة، فمن البديهي أن يهتم ذوو الإعاقة بهذا التخصص نظرا لمقربتهم منه ومعاصرتهم لتفاصيله منذ نعومة الأظافر. فضلا عن مقترح الأخذ برأي الأشخاص من هذه الفئة ذوي الخبرات والكفاءات بحسب الاختصاص في القرارات المفصلية التي تنعكس عليهم بشكل أو بآخر. مع توفير مركز متخصص لدراسات الصم يقع على عاتقه كل ما يخص لغة الإشارة من دراسات وأبحاث وقواميس وثقافة وتاريخ الصم بشكل عام، فلما لا يتم إيجاد معجم موحد للغة الإشارة لأبرز الإشارت المستخدمة بين أوساط الفئة من جميع اللهجات المحلية في المملكة، فلقد علمت أن الإشارات قد تختلف من لهجة إلى أخرى كالفروقات الكائنة مثالا بين اللهجة النجدية والجنوبية والحجازية. في حين تظهر الحجة الملحة لإعادة التأهيل النفسي والجسدي أعقاب العمليات الجراحية التي يجريها البعض كعمليات زراعة القوقعة وغيرها بما يتوافق مع الحالة. وأخيرا وليس آخرًا، اعتماد المترجمين الخاصين بلغة الإشارة في كافة الجهات الرسمية والكيانات الفعالة في المملكة. بينما يعد تخصيص مراكز مختصة بإشراف الجهات المعنية للتدخل والكشف المبكر عن حالات الإعاقة المختلفة أمرًا ملحًا وفعالاً في تطويرالمناهج على الدوام وإعداد البرامج التأهيلية التي تعنى بكل من الجوانب اللغوية والنفسية والتربوية والاجتماعية والأسرية وما إلى ذلك، إنه ليس بالأمر الغريب على المملكة العربية السعودية خاصة أنها عنيت بمختلف الفئات في المجتمع بالاستناد على بنود الرؤية الفعالة 2030 لتصبح المملكة في مصاف الدول السباقة والمتقدمة في جميع النطاقات بإذن الله.