فهد بن جليد
هذه حقيقة -بفضل من الله- فعدد (النخيل) بحسب إحصاءات 2020م بلغ أكثر من 30 مليون نخلة، تنتج سنوياً ما يزيد على 1.5 مليون طن من أصناف التمور، وهو ما يُغطي نحو 125 % من الاحتياج المحلي للتمور، هذا (أمن غذائي) يستحق الشكر والاهتمام، كـ(إرث) له قيمة تاريخية عريقة في بلادنا، ناهيك عن الفوائد الغذائية والصحية العظيمة التي يوصي بها الأطباء دائماً عند تناول التمر، المُحزن هو غياب (الصناعات التكميلية) المُرتبطة بمُشتقات التمور، والتي ستساهم حتماً في إيجاد (نقلة نوعية) في هذه الصناعة للفئات العمرية الأقل، وأذكر هنا أنَّني زرت قبل نحو 14 عاماً مصنعاً بمنطقة القصيم كان لديه بالفعل إنتاج (آيس كريم التمر- شطة بالتمر- مايونيز بالتمر- وكاتشب التمر.. ومنتجات أخرى عديدة لا أعرف مصيرها اليوم، إلاَّ أنَّني قرأت فيما بعد عن اتجاه بعض المصانع الخليجية لإنتاج ذات (الأنواع) وتوزيعها في الأسواق.
للتمر (إرث ثقافي) عريق، فضلاً عن (قيمته الغذائية) الغنية في حياة السعوديين، إلاَّ أنَّ التمر يغيب عادة عن المشهد الغذائي لشريحة الشباب، وإن قدمت بعض (المطاعم العالمية) مُنتجات باهظة الثمن مثل (كيك بالتمر) وغيرها، إلا أنَّ سِمَة غياب (التمر) واضحة عن قائمة الوجبات الشبابية لدينا، فيما (القدوع) أو التمر الذي نقدمه للضيف مع القهوة تعبيراً عن الترحيب به، ورمزية لسد الجوع في وقت سابق، باتت اليوم ظاهرة تتنافس عليها بعض المطاعم الحديثة في (عواصم خليجية)، تقدم صحن التمر أو الرطب أو (القدوع) كطبق ترحيبي مجاني بجانب الوجبة، وهو ما يسترعي الانتباه والاستفادة من مُحاكاة مثل هذه التجربة لفوائدها الغذائية.
(مواسم التمور) انطلقت في مختلف مناطق المملكة، هذه فرصة سانحة للأفراد والمجموعات لتقديم أفكار جديدة لاستخدامات التمور أو تخزينها، نتيجة توفرها بكميات كافية وأسعار مُنافسة لمعظم الأصناف والأنواع، لاسيما أنَّ تجارب إقرار التمر كوجبة (إفطار مجانية) تقدم للطلاب في المدارس طُرحت سابقاً في أكثر من دولة، استناداً لتأثيراته الصحية الإيجابية على أجيال منطقتنا التي لم تعرف (هشاشة العظام) ولا نقص فيتامين (دال)، لأنَّه كان من ضمن وجباتها الرئيسة (حبات من تمر)، لم يعد كثيرون اليوم يعيرونها اهتماماً، باعتبارها إحدى المدارس الغذائية القديمة، بينما الغرب يعملون جاهدين على استنساخ تجربة أجدادنا العرب (للتمر واللبن).
وعلى دروب الخير نلتقي.