عبده الأسمري
بين «رياض» الشعر و«روضات» المهام» روض «القصائد» جبرًا، وعوض «الشدائد» صبرًا، فعزف على «أوتار» الكلمة، ووصف من «أعماق» المفردة..
انطلق من «تدابير» الصروح نحو «مقادير» الطموح.. فركض بين «كراسي» الرياضة.. و«مراسي» الثقافة.. كاتبًا «معادلة» التعليم ببُعد النظر، حاصدًا «نتيجة» التجارة بأبعاد «الفكر»، فكان سليل «الأدب»، ونبيل «الرؤى»، وأصيل «الأثر».
إنه الشاعر والرمز الرياضي سمو الأمير محمد العبدالله الفيصل - رحمه الله - أحد أبرز الشعراء والرياضيين والمثقفين في السعودية..
بوجه أميري وسيم، تعلوه «الوجاهة»، وتكسوه «النباهة»، مع تقاسيم وقورة، وعينَين واسعتَين لامعتَين، تتشابهان مع والده، ونظارة أنيقة لا تفارقه.. ومحيا ساكن بالود، ومسكون بالجد.. وسحنة خليطة من «الصرامة» و«الشهامة»، وأناقة فاخرة، ترتدي الهندام الوطني الأنيق المتكامل مع تشكيلة شماغ مرسوم بإتقان، ولحية وشارب كساهما المشيب فأكمله بهاء وزهاء، قضى الفيصل من عمره عقودًا وهو يسابق الزمن بأنفاس «أصيلة» بين مدارات «المعارف» ومسارات «المشارف» ممتطيًا صهوة «النبل»، متزودًا بركاب «الفضل»، وملوحًا بكفوف «التحدي»، ومنظمًا لصفوف «التخطيط»، ومكملاً «المسافة» بين نقاط «المداد» واضعًا «الحصافة» وسط عبارات «السداد».. وجهًا للرياضة ووجيهًا للشعر..
في مكة المكرمة وُلد وتفتحت عيناه على والد عظيم، علمه «مضامين» الأمان، و«أم» كريمة، ملأت قلبه برياحين «الحنان»؛ فنشأ وسط «نوايا» النشأة و«عطايا» التنشئة مشفوعًا بإرث ملكي، استمع إليه «طفلاً»، وتمتع به «شابًّا».. مسجوعًا «بتراث أدبي» ركن إليه صغيرًا، وارتكن نحوه «كبيرًا»..
تعتقت نفسه بعبير الورد الطائفي، وتشربت روحه أثير العبق المكي، وصال وجال مع إخوته وأقرانه في «قصور» أسرته منخطفًا إلى «مسامرات» البلاغة في مجلس والده، منجذبًا إلى «مجلدات» الأدب في مكتبة منزله.. فتربى في «كنف» الإبداع، وانتظم في «صف» المهارة.. فمال إلى «شاعرية» أبيه، وتوقف عند «مهارية» ذاته.. فكانت طفولته «أكاديمية» متكاملة «الأهداف» بين أسرة علمته «أصول» الاعتزاز، ووسط «عائلة» أشبعته بفصول الإنجاز.. سائرًا بين «رهان» الانتساب و«ميدان» الاكتساب..
ظل الفيصل يراقب أحاديث المساء مع والده نابعًا من منهل «الحكم» في مآثر جده الملك فيصل، منجذبًا إلى إشادات النهار من معين «أقاربه» مع كل «قصيدة» كانت تسبق عمره.. متأثرًا بالجزالة في شعر أبيه، متعجبًا من المعاني في أبيات عمه ورفيق دربه خالد الفيصل، متذوقًا السلاسة في قصائد «البدر»، مكملاً نهمه الثقافي بالغوص في بحور الشعر والنصر على ثغور النظم.
درس الفيصل التعليم الابتدائي والمتوسط في الطائف، ثم طار إلى سويسرا حيث أنهى دراسته الثانوية والجامعية، ثم عمل في مؤسسة النقد بجدة عامين، وابتُعث من البنك السعودي البريطاني لدورة في إنجلترا لمدة 8 أشهر، ثم عاد ونقل خدماته إلى وزارة المعارف حيث عمل مديرًا عامًّا لإدارة التنظيم، ثم مديرًا عامًّا للبعثات الخارجية والعلاقات الثقافية، فمديرًا عامًّا للشؤون الإدارية والمالية، ثم وكيلاً مساعدًا للوزير. وقد قام بإنشاء الهيكل التنظيمي، وأسس نظام التغذية المدرسية..
ترأس النادي الأهلي من 1401 هـ إلى 1403هـ، وأشرف على فريق كرة القدم، وكان عضو شرف داعمًا ومؤثرًا طوال حياته، وعرف بعشقه للرياضة، ودعمه الكبير للرياضيين، إضافة إلى بصمات سموه في أعمال خيرية وإنسانية؛ إذ كان حريصًا على إجزال العطاء في الخفاء..
الأمير محمد اقتصادي محترف، وشغل عضوية مجلس إدارة بنوك عدة، وامتلك وأدار شركات ومؤسسات تجارية مختلفة عدة، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركات أسمنت القصيم ومجموعة الفيصلية والتكامل العربي ومؤسسة التكامل الوطنية للزراعة، وهو من مؤسسي مؤسسة الفكر العربي وعضو مجلس الأمناء فيها، وعضو مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل الخيرية.
برع في كتابة الشعر، وألّف دواوين «رسائل محبة» و«همس القلوب» و«دروب الليالي» و«الأخير» و«آخر المشوار» الذي تضمن أعماله الشعرية الكاملة، وكتب قصائد عدة مغناة، تغنى بها عدد من الفنانين، كان أشهرها «مقادير» التي غناها الراحل طلال مداح.
توفي - رحمه الله - في أمريكا فجر يوم الأحد الموافق 21 رمضان 1432هـ، ونعته الأوساط الرياضية والمجالس الثقافية والمنابر الأدبية، وأبقى في الذاكرة حس «المسؤولية».. وترك في المسيرة «إحساس» «المواطنة».
محمد العبدالله الفيصل.. وجه الشعر البارز، ووجيه الرياضة الراقي الذي ملأ الأماكن بروح «الإنسان»، وسكن الأفئدة ببوح «المشاعر».. ليظل نجمًا في فضاء «المؤثرين»، ووسمًا في إمضاء «المبدعين».