إيمان الدبيَّان
تعددت معاني أسمائها والحب لها واحدٌ، تنوّعت مكامن جمالها والشوق لها دائمًا واردٌ.
هي الصنوبر بالمعنى السّامي، وتعني الآبار بالمعنى الفينيقي، وهي زهرة الشرق وباريِسه، هي «بيريتوس» في الأدبيات الإغريقية، هي مدينة بيروت التي عرف اسمها (بيروتا) في ألواح تل العمارنة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد في تاريخ البشرية.
بيروت أسطورة (أدونيس وعشتروت) في الحب والموت والعشق على نبع افقا، بيروت أسطورة (طائر الفينيق) المنبعث من الرماد، الأسطورة ذات المغزى السياسي على لسان كل لبناني تبقى له بعض الأمل في لبنان وشعبه.
بيروت رموزها في كل الوطن العربي مع إشراقات الصباح على صوت فيروز، ونسائم المساء مع أدب جبران، وسعيد عقل، وأدونيس، وسلطنة اللحن والطرب على نغم وديع.
كل هذا وأكثر تفجر في ذهني، وأوراق ملاحظاتي بعد مشاهدتي انفجار مرفأ بيروت اللبناني وأصبحت الأسئلة تتابع علي لماذا يفعل هذا فيها؟! أتستحق صخرة الروشة الصامدة، أو جونية برقتها الساحرة؟! أيفعلُ هذا بالرّملة البيضاء الراقية، أو بشوارع الحمراء الساهرة؟! أتنسف حضارة مغارة جعيتا، وقلعة موسى، ونهر الكلب، وإبراهيم، والعاصي؟ ! أتهدم ثقافة جبيل، وصيدا، والأرز العالي؟!
أماكن زرتها، وجلست بها، وبدأت ذكرياتها، وصورها، ورائحتها تمتزج في ذاكرتي، وتسترجع لي، ومعي، جمالها، وسحرها.
إلى متى أيها اللبنانيون ومجدكم يُسلب؟! وتاريخكم يُنهب من مارقين، وخونة أعطيتموهم مقاليد وطنكم؟!
مساجدكم، كنائسكم، أطفالكم، نساؤكم، شيوخكم، وشبابكم كلها لمصلحة أحزاب فاسدة تُسحق، ولمصالح شخصية تُحرق، فاحترقت قلوبنا معكم كمداً، وحزناً، غضباً، وألماً.
منكم تعلّم العالم معنى الحرية، والتّنوع، منكم انتشر للعالم مفهوم الاختلاف مع بقاء الحب بلا تصنّع، منكم استنشقنا عبير الشرق، وحضارة أحدثت في الدنيا الفرق عندما كان لبنان يحكمه رجال تقودهم أخلاقهم العربية الأصيلة، ومواقفهم الوطنية النبيلة، وروابطهم الأخوية الجليلة، وليس عمائم سوداء صفيقة تذيق وطنكم كل ويل ومصائب عميقة.
أعيدوا لنا بيروت فما زال هناك في عش الفينيق تحت الرماد طائر للحياة سيرفرف بجناحيه، وبنا ومعكم يحلق ويوقف كل جرح لبناني ينزف.
لي صخرة علقت بالنجم أسكنها طارت بها الكتب قالت تلك لبنان
توزعتها هموم المجد فهي هوى وكر العقابين تربى فيه عقبان
أهلي ويغلون يغدو الموت لعبتهم إذا تطلع صوب السفح عدوان
من حفنة وشذا أرز كفايتهم زنودهم إن تقل الأرض أوطان
هل جنة الله إلا حيثما هنئت عيناك كل إتساع بعد بهتان
هنا على شاطئ أو فوق عند ربا تفتح الفكر قلت الفكر نسيان
كنا ونبقى لأنا المؤمنون به وبعد فليسع الأبطال ميدان
- كلمات: سعيد عقل