مما لا شك فيه أن الصناعة هي الشرط الضروري لقيام مجتمع ينوي تحقيق ذاته واستقلاليته، وقد حبانا الله بهذا الوطن الغالي الذي يملك من المقومات والإمكانيات ما يجعله في مقدمة مصاف الدول المتقدّمة صناعياً.
حيث إن الصناعة هي النشاط الاقتصادي الذي يجب أن يقف عليه المجتمع في حياته ليصبح مجتمعاً متكافلاً ومتعاوناً، فالصناعة هي جوهر التنمية. حرصت رؤية المملكة 2030 على جعل الصناعة الوطنية إحدى الركائز الأساسية لبناء اقتصاد مزدهر.
وفي آخر إحصائية للهيئة العامة للإحصاء تجد أن نسبة السكان السعوديين للفئة العمرية من (0 - 34) سنة من إجمالي السكان تبلغ (67.02 %) وهذا مؤشر إيجابي لخلق قوة عاملة صناعية مستقرة، إن نجحنا في نشر ثقافة التصنيع. ومن هذا المنطلق اقترح على المستثمرين والمهتمين بالمجال الصناعي الالتفات إلى المدن الصغيرة والقرى الناشئة وإنشاء المصانع فيها وتوظيف أبناء وبنات تلك المناطق فيها بعد تدريبهم على خطوط الإنتاج والتوزيع وإدارة العمليات كمصانع المخبوزات، ومصانع تعبئة وتعليب التمور وما شابهها، ومصانع خياطة المنسوجات، وغيرها من المصانع التي لا تتطلب إلا تدريب الأيدي العاملة. حيث ينتج عن ذلك إيقاف هجرة السكان إلى المدن الرئيسية الكبرى للبحث عن الفرص المعيشية وينتج عنها أيضاً التخفيف من حدة التلوث بالمدن الصناعية الرئيسية، ويندرج هذا تحت المسؤولية الاجتماعية من المستثمرين والجهات ذات العلاقة. وأضف إلى ذلك أن إيجارات الأراضي التي ستُقام عليها المصانع ستكون أقل تكلفة من المدن الكبرى، ومن أبرز مظاهر تمكين الاستثمار في الصناعة، المبادرات التي أطلقتها الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مُدن) التي توفر الجهد والوقت على المستثمر وتحرص الهيئة على دعم المستثمر وتمكينه وتوفير بيئة خصبة للإبداع. فلا ننسى أن أزمة وباء كوفيد19 أظهرت الاعتماد العالمي على الصين في التصنيع. ورأينا العديد من الدول التي لم تستطع مواجهة نقص الكمامات رغم بساطتها، بسبب اعتمادهم على الصين في تصنيعها، وهذا يجعلنا نفكر ملياً في توطين الصناعات ونقلّص من الاتكالية الصناعية.
وختاماً..
لدينا رأس المال، والموارد الطبيعية، والطاقات البشرية، والمساحات الشاسعة، ووطن طموح يقدّم الدعم والفرص للمجتمع، ولا ينقصنا إلا همّة أبناء وبنات الوطن للنهوض بأنفسهم وإحداث فرق في هذا العالم. يقول المثل الإنجليزي: «لا تخترع العجلة، بل ابدأ من حيث انتهى الآخرون، وأطلعهم على ما وصلت إليه، وساعد في حل المشكلات».