د.شريف بن محمد الأتربي
يظل هاجس ماذا لو مسيطر على تفكير وعقل الملايين من الناس التي ترى أنه كان يمكن أن يكون هناك الأفضل أو تجنب الأسوأ، ورغم أنهم في صغرنا علمونا أن (لو) تفتح عمل الشيطان إلا أني بحثت عن أصلها في المعاجم، ووجدت أنها في المعجم الجامع قد أتت لَو: (حرف/ أداة)
1- حرف شرط غير جازم يفيد التعليق في الماضي أو المستقبل، يُستعمل في الامتناع أو في غير الإمكان، أي: امتناع الجواب لامتناع الشرط:- لو كنتُ غنيًّا لتصدَّقت بنصف مالي، - {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ}.
2- حرف مصدريّ بمنزلة أنْ، إلاَّ أنّه لا ينصب ويأتي غالبًا بعد الفعل (ودَّ يَوَدُّ):- وددتُ لو بَرِئْت، - {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}.
3- حرف للتَّمنّي لا يعمل ويَقْترَن جوابُه بالفاء ويكون منصوبًا:- لو تذاكر فتنجحَ
4- حرف للعَرْض ويَقْترَن جوابُه بالفاء ويكون منصوبًا:- لو تعمل معي فتكسبَ كثيرًا.
5- حرف للتَّقليل:- اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ (حديث).
6- حرف للدّعاء، ويقترن جوابُه بالفاء ويكون منصوبًا:- {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
7- حرف للنفي:- لو كان عندنا شيء لأعطيناك: ما عندنا شيء فنعطيك.
8- حرف يفيد الحضّ والأمر:- لو قمتَ: قُمْ، - {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}: اعلموا
9- حرف يفيد التعميم والدلالة على المستقبل:- {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}: وإن كره المشركون.
كما أنها تأتي كاسم أيضا: لَوٍ: (اسم)
لَوٍ: فاعل من لَوَيَ
لَوّ: (اسم)
اللَّوُّ: الكلامُ الخفي
اللَّوُّ: الباطلُ
هو لا يَعْرف الحَو من اللَّوِّ: الحقَّ من الباطل
وتأتي كفعل: لَوَيَ: (فعل)
لَوِيتُ، أَلْوَى، مصدر لَوىً هو أَلْوَى والجمع: لُيٌّ وهو فهو لَوٍ و هو أَلْوَى، وهي ليَّاء
لَوِيَ الرَّمْلُ: اِعْوَجَّ
لَوِيَ الفَرَسُ: اِعْوَجَّ ظَهْرُهُ فهو لَوٍ
لَوِيَ الظَّهْرُ: اِعْوَجَّ
لَوِيَ الوَلَدُ:كَانَ بِمَعِدَتِهِ أَوْ جَوْفِهِ وَجَعٌ فهو لَوٍ، وهي لَوِيَةٌ ...
وغيرها من اللغويات التي تحتاج إلى خبراء لفهم المعاني والدلالات، و(لو) في مقالي هذا هي استعراضية لحياتنا جميعًا، فعلى سبيل المثال: (لو) التي يقرنها الكثيرون بالحاضر والمستقبل ويتمنون لو عاد بها الزمان لتغييرهما بداية من ماض مضى وانتهى ولا مرد له، كقول البعض: لو كنت دخلت كلية كذا كنت الآن مثل فلان، وهذا في رأي قلة حيلة ولا علاقة (للو) به، فأنت قد دخلت أو درست أي تخصص علمي أو نظري حسب ما توفر لك من أماكن للقبول، ولا يعني هذا أن تظل نادمًا طوال عمرك، بل عليك أن تعمل على نفسك وأنت تبرز قدراتك من خلال هذا التخصص، قد سمعنا قديماً قولاً ربما هو المصباح المنير لكل ضال في عمله، حين قال أحدهم: إن لم تعمل ما تحب؛ فحبّ ما تعمل. وهنا يظهر الإبداع والتفرد وإبراز الإمكانات التي وهبها الله تعالى لكل منا.
وقول أحدهم أو إحداهن: (لو) تزوجت فلان/ة لكنت الآن في كذا وكذا... وهنا يبرز السؤال الهام: هل أنت متأكد/ة أنك كنت ستكون سعيدًا مع هذا الشخص أم أنها فقط أحلام الهروب من الواقع إلى زيف وخداع الماضي تحت ذريعة (لو).
إن (لو) لم ولن يكن لها دخل بما أنت أو أنا عليه. إن (لو) تشبه في رأي أن نبحث عن شخص أو حدث أو شيء معين نعلق عليه شماعة فشلنا في تحقيق أشياء لم تكن لتتحقق لأنها ليست مكتوبة لنا، وأن الإرادة الإلهية تدخلت ومنعتها عنا ليس لأننا لا نستحقها ولكن عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: َفعَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم.