فهد بن جليد
لا تكادُ تجلس في مجلس أو تتحدث مع قريب أو بعيد إلا ويُحدثك عن تأثير ضريبة (القيمة المُضافة) الجديدة الـ15 % على مصروفاته، وكيف استغلها بعض التجار -ورحم الله من بَعَض- في رفع الأسعار، وجبر الكسور لصالحه، هنا أصاب بالصداع ليس من الاستغلال الذي يجب مواجهته أينما وجد، بل لكثرة الحديث السلبي لمُجرَّد الحديث والتنفيس لا غير، دون تحملنا أي مسؤولية وكأنَّنا غير معنيين بالأمر، لذا السؤال المطروح الذي علينا الإجابة عليه ماذا فعلت أنا وأنت كمُستهلكين؟ هل قمنا بدورنا الرقابي كما يجب، الهيئة العامة للزكاة والدخل تعمل جاهدة لضبط المسألة بالتعاون مع جهات رقابية أخرى، وتركت لنا كمُستهلكين مساحة واسعة للرقابة الذاتية، بالتبليغ عن أي مُخالفات، بل رصدت مُكافأة مالية تقدر بـ 2.5 % من قيمة المُخالفة التي قد تصل إلى مليون ريال، فهل نكتفي بتقليب المواجع بالحديث عن الاستغلال وفرض سعر جديد نعاني منه؟ أم نتخذ خطوات عملية للمواجهة ليس آخرها التقدم ببلاغ عن كُل مُخالف.
سأتحدث عن تجربتي الشخصية للعظة والعبرة، فمنذ أن بدأتُ في استخدام خدمة الدفع (مدى Pay) عبر الجوال، وأنا أشعر باستسلام كبير (للكاشير)، أدفع على عجل وبصمت مثل غير كثيرين -أشاهدهم- دون التدقيق في الفاتورة وقيمة السلع أو فرق ضريبة القيمة المُضافة أو حتى تسلم نسخة العميل، وكأنَّ الدفع عبر الجوال هو دفع نقاط لا دفع فلوس، هذا الشعور تخلصتُ منه مؤخراً بصعوبة، وأصبحتُ أقرأ الفاتورة وأدقق في تفاصيلها دون خجل، قبل أن أمُد جوالي بيدي لأسمع نغمة القبول (كنوع من البريستيج)، وأنَّ خير ربنا كثير حتى في الجوال.
سحر الدفع يغلب أحياناً حقيقة الوضع، وهذه أول خطوات الرقابة، فالناس تفهمت وتكيَّفت مع الفرق المنطقي والمقبول في الأسعار الذي أحدثته الضريبة المُضافة الجديدة، كضرورة اقتصادية لمواجهة آثار جائحة كورونا، الأمر غير المقبول هنا هو مُبالغة واستغلال بعض التجار للوضع الجديد بمُحاولة رفع الأسعار أكثر، وتحقيق مكاسب إضافية، الجهات الرقابية تقوم بدورها في ضبط تلك المُخالفات، دوري ودورك كمُستهلكين أساسي في هذا الملف، الحديث السلبي مع بعضنا البعض لا يُفيد، لنواجه الأمر بسياسة ترك ما لا يلزم أو ما يُبالغ في سعره والبحث عن البديل الأقل سعراً، مع الإبلاغ عن كل مُستغل غشاش يُحاول التدليس بجمع فتات الفروقات من جيبي وجيبك، إذا لم نقم بدورنا الوطني الإيجابي فسنبقى نشكي لبعضنا البعض بمرارة، بينما المُخالف يتمادى أكثر في جني المكاسب غير المشروعة.
وعلى دروب الخير نلتقي.