حمد بن عبدالله القاضي
لأول مرَّة أقرأ هذا المصطلح «إدارة المسافات».. وإن كنت قرأت شيئاً بالأدبيَّات الأدبيَّة والوجدانيَّة.
لكن ما قرأته بالأدبيَّات يخالف ما قرأته عن ما تقتضيه «إدارة المسافات» الجديدة!.
بالأدبيَّات «البعد مجفاة»، وهذا يعني جماليَّة الاقتراب من الناس ووحشة الابتعاد عنهم
وبالشعر العربي:
فإن تدنُ منِّي تدنُ منك مودَّتي
وَإن تَنأَ عَنّي تَلقَني عنكَ نائيا
لكن يبدو أن لكل عصر قياساته ومساحاته.
* * *
لقد قرأت ما غيَّر بعض قناعاتي عن قضية الاقتراب والابتعاد بالحياة عامةً وبالعلاقات مع الآخرين بخاصةً.
هذا مقطع من موضوع لطيف يقول فيه كاتبه الذي قلَب فيه مفهوم القرب والبعد بين الناس مبلوراً إيجابيَّات الابتعاد في فضاء العلاقة مع الناس بحقائق ونماذج من أرض الواقع:
* * *
لكيْ يبقى الجميل في عينيك جميلا
لا تقترب منه كثيراً.. البعض أجمل من بعيد، فحافظ على المسافة بينك وبينهم..
لقد علمتنا الكتابة أن نترك مسافة بين الكلمة والكلمة لكي يفهم الآخرون ما نكتب..
وعلمتنا حركة المرور أن نترك مسافة أيضاً بيننا وبين السيارة التي أمامنا؛ حتى لا نصطدم بها..
وكذلك علمتنا حركة الحياة أن نترك مسافة بيننا وبين الآخرين؛ حتى نفهمهم جيدًا وحتى لا نصطدم بهم، أو نتصادم معهم.
إدارة المسافات فن يجب علينا تفهمه واتقانه..
كن على مسافة مناسبة تسمح لك ولهم بالتنفس.. لا تقترب كثيرًا فتملَّكَ الناس
ولا تبتعد عنهم كثيرًا فينْسَوْكَ وتبرد عواطفهم تجاهك.
وتذكر دومًا أن ضبط المسافات من أكبر سنن هذا الكون ودلائل عظمته..
وأن سير الكواكب الدقيق مرتبط باحترام المسافات.. فلو اقتربت الشمس منا ميلاً واحداً فقط لاحترقت الأرض، ولو ابتعدت عنا ميلاً لتجمد كل ما حولنا.
* * *
وبعد:
ماذا ترون بعد هذا الرأي الذي طرحه هذا الكاتب بعمق وشفافية
هل ترون خيار الابتعاد عن الآخرين أريح ولو على حسب جمالياته
أم أن خيار القرب أجمل باعتبار أن حميمياته العذبة تخفف من حممه اللاهبة أحيانًا.
* * *
= 2=
آخر الجداول
«وقد زعموا أن المحب إذا دنا
يملّ وان البعد يشفي من الوجد
بكل تداوينا فلم يُشفَ ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد»